منذ اخترت الحجر المنزلي التطوعي قبل أسبوعين اعتدت أن أجلس بعد صلاة عشاء كل مساء في الحديقة المنزلية أشعل نارا تضيء ليلي الساكن وتلامس برودة الطقس المعتدلة، لكن كنت أنتظر حتى منتصف الليل قبل أن أنعم بالسكون التام من صخب أصوات المارة وهدير محركات السيارات ! البارحة نعمت بالسكون منذ اللحظة الأولى، فقد توقفت الحياة في شرايين الحي قبل حتى أن تبلغ عقارب الساعة الثامنة، كان سكونا ساحرا عانق صوت لهب «الحطب» المشتعل، والحقيقة أن حركة الحياة نفسها قد تباطأت منذ أطل علينا وباء الكورونا وفرض على حياتنا نمط الاعتزال وتخففت الحياة من مسؤولياتها وواجباتها المهنية والاجتماعية ! الشيء الذي كان آباؤنا يتمايزون به علينا من أنهم امتلكوا في السابق حياة أكثر بساطة وأقل صخبا وأهدأ حركة، مما جعلهم أكثر استمتاعا بلحظات الحياة، بتنا نعيشه اليوم، فالوقت يمضي بطيئا، والجلوس مع أفراد الأسرة بات طويلا، والتأمل الذاتي وإنجاز الأشياء البسيطة لم يعد محكوما بضيق الوقت وهاجس الاستعجال ! إنها فرصة لنلتقط أنفاسنا ونتوقف قليلا عن ملاحقة حياة متسارعة كادت أن تختطف أعمارنا بعد أن سرقت أوقاتنا، فرصة لنتعرف على أنفسنا ونتعرف على أبنائنا دون أن تفرقنا مواعيد الأصدقاء خارج المنزل ومشاغل الزملاء في العمل ! والسؤال.. بعد أن يغادرنا «كورونا» ونستعيد حياتنا، كيف نريدها أن تعود ؟! K_Alsuliman@ [email protected]