لا أعرف سبباً أو تفسيراً واحداً يمنع وزارة الصحة السعودية من الحديث بالأرقام والإحصاءات عن التقدم الذي تحرزه المختبرات ومراكز الأبحاث الطبية في المملكة العربية السعودية، أثناء الإحاطة الإعلامية اليومية التي تقدمها وزارة الصحة حول تطورات وآثار فايروس كورونا وتبعات انتشاره داخليا وخارجيا!! من حق الرأي العام المحلي والعالمي أن يعرف ما الذي قدمته وتقدمه المختبرات ومراكز الأبحاث الطبية السعودية والعقول والعلماء السعودية من إنجازات في مجالات الأبحاث الطبية وابتكارات الأمصال وعلاجات ضد الفايروسات وغيرها. ومن حق الأجيال الناشئة أن تكون لهم قدوة من العلماء والباحثين. من حق علمائنا السعوديين أن يروا صورتهم في مرآة الوطن والعالم، ومن حق علمائنا، أن يكونوا جزءاً أصيلاً من المحتوى المحلي ومن صناعة هذا المحتوى المحلي. من حق الوطن أن تكون له قوة ناعمة تضاف إلى قوته الاقتصادية والسياسية والثقافية والعسكرية. من حق الوطن أن يكون علماؤه في طليعة صناع المحتوى المحلي، بل ومن حق الوطن أن يضاهي بعقول أبنائه وعبقرياتهم كقوة ناعمة، فالمملكة ليست فقط نفطاً وغازاً ونخيلاً ومالاً وأعمالاً وسياحةً وآثاراً ومعالمَ تاريخية، إنما المملكة، مع وقبل وبعد كل هذا، عقول علمائها وعبقريات أبنائها وهي منجزات مختبراتها ومراكز أبحاثها العلمية (الطبية وغير الطبية). لقد أصابتني الدهشة والذهول جراء ما شاهدته في مقطع فيديو يتحدث عن تمكن علماء سعوديين في مركز الملك عبدالله العالمي للأبحاث الطبية «كيمارك» من تحديد التسلسل الجيني الكامل لفايروس كورونا المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية، الأمر الذي مكّن المركز من تطوير طريقة لرسم التسلسل الجيني لأكثر من 40 سلسلة فايروسية، الأمر يجعل «كيمارك» مؤهلا بقدراته وخبرته للتعامل مع أي انتشار وبائي. ويقول الدكتور أحمد العسكر المدير التنفيذي للمركز: إن عدد العلماء في كيمارك 70 عالماً، بينهم 50 عالماً سعودياً مؤهلاً تأهيلاً عالياً، ناهيك عن تنوع تخصصاتهم الحيوية. كما ينجز المركز سنويا أكثر من 1000 بحث، إضافة إلى أن لدى المركز أكثر من 150 براءة اختراع. يشار إلى أن «كيمارك» يتواجد في مناطق: الرياض، مكةالمكرمة، والمنطقة الشرقية. أفهم وأقدر عالياً ما تقوم به وزارة الصحة السعودية، فهي تمثل خط الدفاع الأول ضد وباء كورونا وأي وباء آخر، وأقدر تماما الإحاطة الإعلامية اليومية التي تقدمها الوزارة لتنوير الرأي العام حيال هذه الجائحة. لكنني، أسأل معالي وزير الصحة ومعالي وزير الإعلام المكلف، لماذا تتجنب الإحاطة الإعلامية اليومية كل ما يمت بصلة إلى الإنجازات التي تحققها مراكز الأبحاث الطبية والمختبرات الطبية في المملكة؟ أليس هذا هو الوقت المناسب حيث تشخص الأبصار وتشنف الأسماع لا تريد أن تبصر أو تسمع إلا أملاً بنهاية قريبة لكابوس «كورونا»؟ لقد علمتنا التجارب بأن إعلام الأزمات هو إعلام الفرص، إذا أحسن استثمارها. إن الإحاطة الإعلامية اليومية لوزارة الصحة حول جائحة كورونا، هي التوقيت الذهبي والمكان الذهبي للاحتفاء بالعلماء السعوديين والمختبرات السعودية ومراكز الأبحاث الطبية السعودية والإنجازات الطبية لمركز الملك عبدالله للأبحاث الطبية ومركز الملك فيصل للأبحاث وغيرهما الكثير من المراكز على امتداد جغرافيا الوطن. * كاتب سعودي [email protected]