خطاب خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود حول جائحة فايروس كورونا المستجد لم يكن خطاباً حول أزمة، أو خطاباً تطمينياً، بل كان بياناً لملامح هوية سعودية تتميز جيلاً بعد جيل، ومرحلة تلو مرحلة. صحيح أن العالم يمر في معركة مع مجهول، لكن خطاب خادم الحرمين الشريفين أكد على هوية السعودية التي نراها تتطور لتصل للتصور المنشود لهذه الدولة الطموحة دائماً، حيث كان ملفتاً أن يستهل الملك خطابه مخاطباً: «إخواني وأخواتي.. أبنائي وبناتي.. المواطنين والمقيمين على أرض المملكة العربية السعودية»، حيث يعلن مليك البلاد بهذه اللحظات المجهولة للعالم ككل، بأن المواطنين والمقيمين، كلهم مسؤولية الدولة السعودية. خطاب لا تمييز فيه بين مواطن أو مقيم، بل مسؤولية تامة، فبينما نرى في جل خطابات الزعماء الدوليين خطابات موجهة ل«المواطنين»، أراد خادم الحرمين الشريفين أن يقول إن كل ما هو على أرض السعودية هو مسؤولية سعودية؛ ولهذا الأمر مدلولات مهمة لدولة رائدة، وقائدة. ولأن القيادة مسؤولية فإن الملك ألقى خطاب طمأنينة مذكراً بقوله تعالى: «فإن مع العسر يسرا، إن مع العسر يسرا»، ومذكراً بأن هذه الأزمة ستتحول «إلى تاريخ يثبت مواجهة الإنسان واحدة من الشدائد التي تمر بها البشرية». وهذا خطاب قائد، خصوصاً أن خادم الحرمين الشريفين شدد بالقول: «أؤكد لكم حرصنا الشديد على توفير ما يلزم المواطن والمقيم في هذه الأرض الطيبة من دواء وغذاء واحتياجات معيشية». وهذا تأكيد أيضاً من الملك أن المواطن والمقيم هما مسؤولية الدولة. وهذه هي السعودية منذ التأسيس، وهذا هو نهج السعودية المتحفزة الرائدة، بالأفعال لا الأقوال. السعودية التي اعتز ملكها المجدد ورأس حربته ولي عهده الرائد بشعبها وأجهزة دولتها، وعلى رأسها وزارة الصحة التي لها تقدير لا يخفى لدى المواطن والمقيم. خطاب ملكي مهم، في وقت مهم، خطاب لم يبسط، ولم يغالِ، ولم يبث هلعاً، بل طمأنينة. كان خطاباً صريحاً، قدم تشخيصاً شفافاً لما يحدث، وما ينتظر أن يقابل العالم كله من تداعيات لما يحدث، وبلسان قائد، واثق بدولته، وأداء عضيده ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، كما هو واثق بشعبه، وقبل كل ذلك بالله تعالى لأن نعبر بأقل الأضرار الممكنة ليس الآن، وإنما تحسباً لتداعيات هذه الأزمة التي لدي إيمان عميق بأن بلادنا ستخرج منها قوية فتية كعادتها بالشدائد، فاليوم يتعرف السعوديون على مقدرتهم أكثر من أي وقتٍ مضى، ثقة بالله، ثم القيادة، وبوحدتنا التي نفخر بها دائماً كسعوديين، جيلاً بعد جيل. * كاتب سعودي [email protected]