أصدرت «الخبير المالي» تقريراً عن «فايروس كورونا والاقتصاد السعودي» توضح فيه بلغة الأرقام مدى أثر هذا الفايروس على الاقتصاد الصيني، وأثر كورونا على الاقتصاد السعودي الذي تأثرت فيه قطاعات السياحة والسفر والطاقة والمواد الأولية بشكل كبير أكثر من غيرها من القطاعات. السؤال الكبير الذي أُريد أن أطرحه في هذا المقال: لماذا اهتمت الصين بفايروس كورونا ولم تهتم بفايروس سارس؟ في حين أن فايروس سارس الذي أصابها عام 2003م، كان يُشكل خطورة أكثر على الصين، نظراً لأن مُعدل الوفيات بفايروس سارس كان 10%. الجواب يتضح من لغة الأرقام التي تعكس تطور الاقتصاد الصيني عام 2003 مقارنة بالاقتصاد الصيني عام 2019؛ فقد كانت حصة الصين من الاقتصاد العالمي عام 2003 تُشكل 8%. في حين أن حصتها عام 2019 تُشكل 20% من إجمالي الاقتصاد العالمي. هذه النسبة الكبيرة هي التي صنعت الفرق وجعلت الصين تتعامل مع المُشكلة بشكل مختلف. لقد أصبحت الصين لاعباً كبيراً ومؤثراً تخاف منه الدول الكبرى وعلى رأسهم أمريكا. وأصبحت الصين عُرضة من الناحية النظرية لحرب بيولوجية، مما يعني ضرورة أن تستغل الصين هذا الفايروس لتستعد لأي حرب مستقبلية بيولوجية. هذه الحرب التي من الممكن أن يشنها مجنون أو منظمة إرهابية أو حتى دولة مارقة عن القانون أو دولة كبيرة فوق النظام العالمي. إن التهديد البيولوجي لا يُمكن لدولة مثل الصين أن لا تحتاط له، وهذا ما حدث في الصين؛ حيث استغلت هذا الفايروس الذي أصاب البلاد للقيام بهذه التجربة والتمارين والاستعداد على مواجهة الحروب البيولوجية المُحتملة. ما قامت به الصين هو رسالة للقوى العظمى بأن الصين جاهزة لكل أنواع الحروب البيولوجية والتقنية السيبرانية والنووية. لقد أذهلت الصين العالم عندما قامت ببناء أكبر مستشفى خاص بالمصابين بالفايروس. كما أذهلتهم عندما وظفت التقنية والذكاء الصناعي في مواجهة كورونا. الصين مثال للدولة الناجحة في جميع المجالات، الدولة التي تُوظف الظروف لتحقيق مزيد من النجاحات والطفرات. استغلت الصين الحرب الاقتصادية التي شنتها عليها أمريكا لإعادة هيكلة ملكية الشركات الأجنبية التي قررت مغادرة الصين، فخرجت من هذه الحرب أكثر قوة. كما خرجت من فايروس كورونا أكثر جاهزية لكل الاحتمالات والتهديدات البيولوجية. الصين نموذج جديد في التنظيم والإدارة والحكم والعمل الجماعي يستحق دراسته والتعلم منه. * كاتب سعودي [email protected]