يوماً ما.. كان من ينوي الحج في أطراف الجزيرة العربية يُوصي وصية المُوقن بأن لا عودة له، ثم ينطلق في رحلة طويلة تحفّها المخاطر.. قُطّاع طُرق، وحوش صحراء، ودروب في لحظة قد تتحول إلى قبرٍ يلتهم العابرين.. كانت النجاة تكاد تكون مُستحيلة، من لم يقتله الظمأ قتلته وحوش الصحراء أو لصوصها، حياة صعبة ومُرّة والناس أمام واجبها الديني لا تملك فُرصة التردد.. قامت دولة الحق، انطلق عبدالعزيز ورجاله المُخلصون في مسيرة توحيد هذه الأرض، وفي عام 1932 تم توحيد المملكة العربية السعودية.. كانت خطوات البداية صعبة، ثقيلة، لكنها كانت في الطريق الصحيح نحو تيسير الحج على حجاج بيت الله الحرام.. الملك المؤسس وأبناؤه الملوك الذين أتوا من بعده كان همهم الأول وما زال خدمة حجاج بيت الله الحرام، لأنها هبة الله لهذه الأرض وتشريف لها، لم تدّخر السعودية جهداً في سبيل خدمة الحجاج إلاّ وبذلته، توسعات مُتتالية للحرم وجسور للجمرات وخِيَمْ مُقاومة للحرائق وتاج كُل شيء الأمن والأمان.. أصبح الحاج يأتي مُلبياً آمناً مُطمئناً يقضي مناسك الحج في سهولة ويسر.. لم يُعكر صفو الأمن والأمان سوى حوادث المُتطرفين، رفاق الشر، جهيمان وإيران وإخوان أردوغان.. ما يقوم بِهِ أردوغان تجاوز حدود العداء الشخصي والحزبي، هذا البائس يُريد إشعال نار فتنة حقيقية بين الشعوب المُسلمة، عندما يُرسل مجموعة من الحزبيين التابعين له ليتكتلوا في المسعى بين الصفا والمروة وبدلاً من مناجاة الله يصرخون بأنهم فداء للقُدس! أيُ قدسٍ هذه التي يريدون أن يفتدوها وهم بين الصفا والمروة! يُسافرون من مطار صبيحة المُجاور للسفارة الإسرائيلية ليصرخوا أنهم فداء للقُدس في مكة! هذه العنتريات وهذا المسار الشعبوي إذا استمر سيجعل من الحج شعيرة للفوضى السياسية.. كل دولة سيأتي ممثلوها مُلبين بما يزرع الفوضى في بيت الله الحرام.. أخيراً.. بيت الله لجميع عباده، للباحثين عن رحمته، للمُلبين نداء الحج، لضيوف الرحمن، ليس مكاناً للصراخ والمُزايدات، من أضاع طريق القُدس سندُله عليه، وليجتمع جيش القُدس الطهراني مع مُرتزقة أردوغان من بقايا مُتطرفي الثورة السورية ومن لفّ لفّهم ويُشعلوا النار في كُل مُحيط إسرائيل، أمّا التشويش على ضيوف الرحمن ومحاولة تسييس الشعائر فهذه لا تهاون معها، وسيرى أردوغان رداً يُناسب هذا الجنون الذي أصبح يُمارسه. * كاتب سعودي [email protected]