يعتبر نظام الإفلاس من أبرز الأنظمة الصادرة أخيرا، ورغم أن النظام واللوائح والقواعد تناولت أحكامه بنوعٍ من التفصيل؛ إلا أن هناك تفاوتاً في فهم مدلولات بعض نصوصه، وأُسلط الضوء في هذا المقال على مسألتين -تتعلقان بالضمانات البنكية- رأيت فيهما اختلافاً من خلال إجراءات الإفلاس التي تداخلت فيها. فهل يسري تعليق المطالبات -المنصوص على أحواله في النظام- على تسييل الضمانات البنكية؟ بمعنى أنه عندما يطلب المستفيدُ من البنك تسييل الضمان بعد صدور قرار المحكمة بتعليق المطالبات بحق الآمر (المدين)، فهل يُلزم البنك بتسييل الضمان وفقاً للقواعد العامة؟ أم يجب عليه الامتناع؛ لدخول الضمان في نطاق تعليق المطالبات؟ أعتقد أن النص النظامي -وفق فهمي- غير صريح في هذه الجزئية، ولكن هناك اتجاه لبعض المحاكم التجارية (المختصة بالإفلاس) يأخذ بالرأي الثاني. في حين أن بعض القوانين كالقانون البحريني تنص على استثناء تحصيل دين المدين ضد الجهة المصدرة لخطاب الضمان من أحكام وقف الإجراءات. ويبدو أن علة هذا هي أنّ خطاب الضمان يُنشئ التزاماً أصلياً ومجرداً للمستفيد من قبل البنك ولا صلة للمدين به. ونظراً لأهمية هذا الأمر؛ فأعتقد أنّه لابد من حسمه بقرار أو مبدأ من الجهات المختصة؛ لحماية حقوق جميع الأطراف، وللحد من تفاوت الاجتهاد. ومن ناحية أخرى ما مدى إمكانية اعتبار مطالبة البنك بمبلغ الضمان البنكي (التي لم يطلب المستفيد تسييلها) كمطالبة مقبولة لغرض التصويت؟ بحسب فهمي للممارسات الحالية فإنّ هناك اتجاهين لأمناء الإفلاس في هذا الصدد؛ فالبعض يوصي برفضها لكونها دينا غير مستحق، ويظهر أن مستند ذلك هو تعريف الدين الوارد في المادة الأولى من النظام، في حين يوصي آخرون بقبولها تأسيساً -فيما يبدو- على ما ورد في المادة (63) من جواز تقديم المطالبة المتعلقة بالدين المعلق على شرط. وفي اعتقادي أن الأقرب هو صحة اعتبارها مطالبة مقبولة؛ لأن خطاب الضمان -في حقيقته- دين معلق على شرط يتمثل في طلب المستفيد تسييلَ الضمان، مع وجوب مراعاة ما ورد في المادة (76) من أنه لا يحق للدائن التصويت على المقترح إلا إذا كان يرتب أثراً في حقوقه النظامية أو التعاقدية.