إلى عمّار زمانان بعد 30 عاماً وهو ينبشّ تراب من أحبوه وأحبوا وطنهم، بحثاً عن أصواتهم. إليه وهو يردد «أبو أرياف» في سيارة أبيه عائداً من «ماكدونالدز» وفي حضنه وجبة «ناقتس» وعصير صحيّ. بينما يتفجّر الضحك في حنجرتي على صوت الكلمات في حلقه. صاحب البدلة الزرقاءِ عادَ خائفاً. الأعرجُ نَشِبَت أسنانُه في عبارِة مثلومة. الطبيب البيطري أضاع أفكاره في كومة قشّ. الطويل ذو العينين الضيقتين، وجدوه ملفوفاً في علبة دواء منتهية الصلاحية. ذو الاسم المستعار لم يستطِع أن يطويَ أكمامَ سترته قبل المعركة، هو نفسه الذي أربكته كرمشةُ الأسباب. اليتيم يتذكّر أبويه ويجمع أفواههما. الجالسُ بمفردهِ.. يُلمّعُ نواياه برعونة. الذي بدّلَ اسمَ والده مُتأخراً، تعثّرَ بهواجسه. النحيلُ ضربته التوقعاتُ في قلبه. صاحب ربطة العنق، عاد ليأخذَ حقيبته الجلد وينظرَ في المرآة من أجل صورة فوتوغرافية محتملة. خفيفُ الظلّ، كما يروى عنه، نسيَ سخريَته الأخيرة في جيب سترته المُعَدّة للمعركة. الذي وجد وظيفتَه معبأةً بالسموم، لم يكترث لطول المسافة، لكنه نسيَ إجابة كان يحفظها. المتأخر دائماً، تأخرّ.. على غير العادة. الأخ غير الشقيق لأخيه الشقيق، حين سألوه عن اسم أبيه.. لعقهُ الارتباكُ في فمه. ابن العائلة المحترمة سابقاً، وجدَ في روحهِ شحاتاً ميتاً من الجوع. جُنودُك ليسوا على ما يرام.. أرضُ المعركةِ مُلطّخةٌ بالذئاب. والسكاكين التي يحملونها، احتياطاً، كَتَب عليها جنودٌ قبلهم كلمات وداعٍ لا تليقُ بِهِم. المسدسات كانت تقطُرُ بالكآبةِ والتَّعَب. جُنودُكَ.. الذين خبأوا وشمَ الخديعةِ في أطرافهِم منذُ أن خُلِقوا.. ليسوا على ما يرام. أمهاتهم، كانت أثداؤهن شَجراً يابِساً، آباؤهم خيولاً بلا قوائمَ، عائلاتهم قِطعاناً تجلِسُ في الظّلالِ يمضغها الخوف. جُنودُك الذين عادوا من معركةٍ ليست لأحدٍ سواك.. كانت ظلالهم هزيمتي إلى الأبد.