بات رئيس الوزراء المكلف حسان دياب في وضع دقيق يواجه فيه «الإحراج للإخراج» بعدما سحب منه الثلاثي الحاكم (التيار العوني وحركة أمل وحزب الله) الدعم السياسي والتفويض الحكومي. بينما دياب المصر على «عدم الاعتذار» مصرّ أيضا على مواجهة واقع «عدم التأليف»، وعليه فإنه إما سيقبل بحكومة تكنوسياسية، أو سيعتذر أو سيبقى في دائرة «لا تأليف ولا اعتذار» فلا يغيّر في الواقع شيئا ولا يرد الاعتبار والحياة إلى حكومة التكنوقراط التي جرى الانقلاب عليها والتخلي عنها. أما الأسباب التي أدت إلى هذا التبدل فهي: أولاً، اغتيال قاسم سليماني حيث كان لبنان معنيا مباشرة بتداعيات هذا الاغتيال ووجد نفسه في قلب العاصفة، لأن حزب الله دخل مباشرة على خط التطور الإقليمي وانخرط في عملية الرد الاستراتيجي طويل الأمد على الولاياتالمتحدة ووجوده ا في المنطقة، ليصبح الحزب في مكان آخر مع جدول أعمال إقليمي وإعادة ترتيب الأولويات في الداخل اللبناني، بحيث لم تعد حكومة التكنوقراط مناسبة للمستجدات الاقليمية وطبيعة المرحلة الجديدة. هذا التوجه لدى حزب الله لقي تفهماً من قبل الرئيس اللبناني ميشال عون، خصوصا أنه واجه صعوبة في التعاطي مع دياب واهتزازا مبكرا في علاقة الثقة معه، كما لقي استحساناً من جانب نبيه بري الذي لم يكن من الأساس مقتنعا بحكومة تكنوقراط. ثانياً: الاشتباك بين «التيار العوني» ودياب على تعاطيه معه كفريق هامشي وليس على أساس أنه مكون أساسي في الحكومة. فيما أظهر عون استياء من طريقة إدارة دياب للملف الحكومي، بأن يكون متحكما بعملية التأليف. ثالثاً:موقف بري الذي قاد عملية الانقلاب على حكومة التكنوقراط وأعاد الأمور إلى نقطة الصفر، إذ يعتبر أن هكذا حكومة ليست قادرة على الإقلاع والصمود طويلا، وأن المرحلة تستدعي «حكومة أقطاب»، وأن دياب ليس رجل المرحلة. السياسيون المراقبون لعملية التأليف واصلوا بتوجيه الأسئلة للسلطة الحاكمة عن أسباب التأخير، فوجه وزير الداخلية السابق مروان شربل سؤالاً: لماذا التأخير في تأليف الحكومة ؟ هل لأنّهم لا يريدون تحمّل مسؤوليّة الانهيار الّذي وصلنا إليه، أم لأنّ الحسّ بالمسؤوليّة أصبح من الماضي؟. وأضاف شربل محذراً: «لقد أصبحنا أرقامًا، ننتظر دورنا أمام المصارف لنتسوّل حقّنا، وأموال «الخواجات» في بلاد الاغتراب. نصيحة: استعجلوا الحل وإلّا الغضب الساطع آتٍ». فيما دعا الوزير السابق آلان حكيم ، إلى إنقاذ لبنان من كل ما يحصل بتلبية مطالب الناس بالشارع من خلال حكومة اختصاصيّين مستقلّين مهامها إنقاذ الاقتصاد والتحضير لانتخابات نيابية مبكرة. وقال: إن أكملوا بسياسات المحور، وركّزوا على المحاصصة ، وبقوا بلا حكومة، ستختفي ثقة المجتمع الدولي بلبنان. وأضاف متوجهاً للحاكمين بأمر البلاد: «أكملوا بهذه الطريقة، وسيذكر التاريخ أنّكم من أنهى كيان لبنان وأنّكم من باع كلّ التضحيات والشهداء وشعب لبنان».