مرحلة الطفولة غير مكتملة، و«الصبا» متعثرة، و«النضج» قلقة، وهم يعيشون الآن مرحلة الضجر.. عن جيلي أتحدث.. أربع مراحل عشناها، كل مرحلة تلغي سابقتها بسرعةٍ لا تتواءم وفطرة الأعمار التي منحها الله هبةً لخلقه.. • الحياة الاجتماعية المتوارثة التي يولد فيها الذكر رجلًا، والأنثى امرأة مكبلين بسلاسل من التقاليد اهتصرت طفولتنا.. • الرقابة التي فرضها علينا وكلاء الله في أرضه في مرحلة صبانا جعلتنا بشخصيتين متناقضتين: «واحدة لنا» نمارس بها خلسةً ما يقع تحت أيدينا من ترفيهٍ مباحٍ على قلِّته، و«الثانية لهم» نحمي بها أنفسنا من سياط التقريع والترهيب التي أدموا بها حياتنا، فبخطأ واحدٍ -من وجهة نظرهم- تتحول إلى «سربوتٍ» و«داشر» وحتى لو نحتَّ بأظافرك الصخر لتقنعهم أنك تغيّرت لن تنجح.. هؤلاء هم من يتحملون تعثر مرحلة صبانا وارتباكها، ويكفي دليلًا على بؤس تلك المرحلة أن تقرأ: ناديتُ عشماويِّنا مستنجدًا ** متلهفًا لسماع حولياته أنجدْ أخاك ببارقٍ من شعركم ** ليظل باغي الرجس في كبّاته أقول يكفي أن تقرأ، وأن تعرف أن «باغي الرجس» المقصود هنا هو الدكتور غازي القصيبي -رحمه الله- الذي كان مجرد ذكر اسمه يدخلك في زمرة أهل الموبقات الذين يستوجبون المناصحة والاستتابه وإلاّ.. • نضجنا فوجدنا أنفسنا «قلقين»، فالخيبات التي زُرِعت فينا جعلتنا نخشى خيباتٍ أطم تنتظرنا، وباختصار كان «التردد» عنوان المرحلة.. الثياب التي فُصلّت لنا ولبسناها ونحن غير مقتنعين بها جعلتنا بشخصيات «مهتزّة» لا تؤهلنا للتحرر منها. • اليوم نعيش «الضجر» في محطةٍ كنا نتمناها في سنواتٍ مضت، لكنها الآن بكلِّ ملامحها ليست لنا، فالعمر له احترامه، وحتى لو دعس أحدُنا على رقبة العمر، وحاول أن يكون جزءًا مشاركًا فيما نعيشه من نقلةٍ عصريةٍ مفاجئةٍ، فإنه سيصبح مقطعًا يتداوله المتندِّرون في وسائل التواصل، ويقهقهون عليه؛ لأن الشباب يرون العصر عصرهم، ولا يرضون أن يشاركهم فيه أحدٌ من الأجيال السالفة.. سقطنا من سجلات الحياة الطبيعية بفعل فاعلٍ، لكن بياض قلوبنا الذي ربما يكون مكسبنا الوحيد يدفعنا إلى أن نقول ونحن مبتسمون: مسامحين.