قلبت مجزرة الناصرية والنجف التي راح ضحيتها العشرات بين قتيل وجريح، المعادلة السياسية، وأطاحت بالحكومة العراقية التي صبت مختلف القوى السياسية جام غضبها عليها وصوبت سهامها ضدها. وأعلن رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي أمس (الجمعة)، أنه سيرفع استقالته إلى مجلس النواب حقنا للدماء. بعد شهرين من الاحتجاجات الدامية التي سقط فيها أكثر من 400 قتيل وآلاف الجرحى. وقال في بيان «بالنظر إلى الظروف والعجز الواضح، فالبرلمان مدعو لإعادة النظر في خياراته». وشدد على ضرورة تفادي انزلاق العراق إلى دوامة العنف. وعقب الإعلان، هتف محتجون فرحا في ساحة التحرير في بغداد بهذه الخطوة التي تأتي في إطار مطالبهم بإسقاط الحكومة وتغيير القادة السياسيين، فيما أعلن قائد شرطة ذي قار في محمد القريشي،، سحب الفرق الأمنية إلى مقارها ومنع إطلاق الرصاص الحي بعد اتفاق مع العشائر يقضي بوقف الاشتباكات بين المتظاهرين وقوات الأمن في الناصرية. وكان المرجع الديني علي السيستاني، قد أطلق «رصاصة الرحمة» على الحكومة، داعيا البرلمان إلى سحب الثقة منها. وقال في خطبة (الجمعة) في كربلاء أمس: «إن مجلس النواب الذي انبثقت منه الحكومة الراهنة مدعوّ إلى أن يعيد النظر في خياراته بهذا الشأن ويتصرف بما تمليه مصلحة العراق والمحافظة على دماء أبنائه، وتفادي انزلاقه إلى دوامة العنف والفوضى والخراب». وأضاف أن البرلمان مدعوّ إلى الإسراع في إقرار حزمة التشريعات الانتخابية، بما يكون مرضياً للشعب، تمهيداً لإجراء انتخابات حرة ونزيهة. وانتقد السيستاني بشدة تلكؤ السياسيين في إجراء إصلاحات تلبي مطالب المحتجين، وقال إن «التسويف والمماطلة في سلوك هذا المسار- الذي هو المدخل المناسب لتجاوز الأزمة الراهنة بطريقة سلمية وحضارية تحت سقف الدستور سيكلّف البلاد ثمناً باهظاً وسيندم عليه الجميع». وتصاعدت الضغوط على عبدالمهدي أمس، إذ دعت كتل سائرون، النصر، حزب الدعوة، تيار الفتح، وتيار الحكمة إلى سحب الثقة عن الحكومة. وكشف مصدر مقرب من رئيس ائتلاف الوطنية إياد علاوي، أنه قرر الانسحاب من العملية السياسية بشكلها الحالي، متعهدا بالعمل على تقويضها وإعادة بنائها سلمياً، عازيا قراره إلى إراقة الدماء، ودعا الآخرين إلى الانسحاب من العملية السياسية. فيما أعلن رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، أمس تأييده عقد جلسة خاصة للبرلمان اليوم (السبت)، لسحب الثقة عن الحكومة وتشكيل حكومة جديدة مستقلة، وإنجاز قانون انتخابي منصف وتشكيل مفوضية انتخابات مستقلة لإجراء انتخابات حرة مبكرة ونزيهة بشراكة مع الأممالمتحدة. وحذر من احتمال دخول العراق في الفوضى أو المجهول أو العودة لأزمنة الدكتاتوريات المستبدة.