منذ نعومة أظافرنا ونحن نسمع لمن لا يقتنعون بوجهة نظرنا، «إذا ما أعجبك اشرب من البحر»، طبعاً ليست نعومة أظافري لوحدي، فهو شرف لا أدعيه ولكن أظافر معظم الناس كلها، هذا إذا كانت ناعمة في يوم ما، طبعاً هذه الأيام زيادة على نعومتها أصبحت هناك محلات لتنعيمها وجعلها «تلِق» حتى تكاد تعكس النور على صفحتها، إضافة إلى العناية الخاصة بظفر الإصبع الصغير الذي أصبح الكثير يطولونه ولم يصلنا حتى تاريخه ما هو السر الدفين وراء ذلك، وربما لهم سر ونحن نلوم. زمان كنَّا نسمع «ما حك جلدك مثل ظفرك»، يا حليل زمان وأمثالهم لو رأوا أظافر بعض الناس الحين، كان قالوا «ما حك جسمك مثل ظفر غيرك»، المهم من صبر «ظفر» فمقولة «اشربوا من البحر» عتيقة بقدم حبيب القلب البحر الأحمر، وبحر الخليج العربي الذي هو عربي وإذا ما ناسب إيران فأقولها وقلبي قدي «اشربوا من البحر»، لأنه ما عندهم محطات تحلية ولكن هم شطار في تعكير الماء الحلو، وقد اشتهرت هذه المقولة عندما أطلقها الأستاذ الخطير أبو كلام مثير عثمان العمير عندما قال قبل عشرات السنين «هلاليون واشربوا من البحر»، في عراك حبي مع زميله في الحرف الاتحادي عبدالله علي أحمد، وأكيد تعلمون أن «الوسط» الرياضي يهتز مع أي كلمة تلهب الجو والعراك الرياضي لأصحابه يحلو ويذكرني شرب الماء بقصة هي كما تروي أن عمرو بن هند ملك الحيرة قال في مجلسه: «هل تعرفون في مملكتي أحداً أمه تأنف أن تخدم أمي؟». قالوا: «نعم إنها أم عمرو بن كلثوم»، فدعا عمرو بن كلثوم وأمه. وأثناء العشاء قالت أم ابن هند لام ابن كلثوم «ناوليني طبقاً»، فصرخت أم ابن كلثوم «وا ذلَّاه آل تغلب!»، وسمعها ابنها فامتشق حسامه وقتل عمرو ابن هند وقال من ضمن معلقته «وإنا العاصمون إذا أطعنا.. وإنا العازفون إذا عصينا. ونشرب أن وردنا الماء صفواً.. ويشرب غيرنا كدراً وطينا». هذا ما كان يا سادة من أمر «اشربوا من البحر». وامتداداً للماء فأنا أقول لكل من حاول أن يصطاد في الماء الذي يعكره الحاقدون على هذا الوطن: بؤوا بغيظكم ابكوا صيحوا. مزقوا أثوابكم حثوا التراب على رؤوسكم، فقد حان وقت ذلك فنحن نبني، وأنتم تهدمون. معظم البلاد في معارك، سياسية واقتصادية. نعم لا يسلم وطن مما قد يفرض عليه من بعض المعارك انتفاضاً لكرامته وأمنه. ولكن أي وطن هذا الذي معركته كل يوم هي عمل جارٍ على قدم وساق لإصلاح كل المسارات وبالذات الاقتصادية، عمل كان لا يخطر على بال أكبر متفائل، ناهيك عن شلة التشاؤم وتكسير الأجنحة مؤتمر دافوس الصحراء، والقدية ومشروع البحر الأحمر، ونيوم وكهرباء سكاكا الشمسية ومشروع قلب جدة، وأخيراً وليس آخرا إنزال نسبة صغيرة من أرامكو هزت الكون الاقتصادي. هكذا نحن ومع كل هذه المسارات الجادة هناك مرح وترفيه، وأعتبره أنا من الجد، فكل عمل لأجل راحة المواطن فهو جد وإنتاج زِد على ذلك عالم السياحة والانفتاح على الحضارات كما هو أيضا إدخال الفن الجميل في حياة طلابنا، إنه وبكل تجرد وفخر أوركسترا في عهد ملك عظيم يقودها الفذ ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، أما أنت يا وطني فأستعير كلمات الأخوين رحباني ما شدت به فيروز «شايف البحر شو كبير كبر البحر بحبك، شايف السما شو بعيدي بعد السما بحبك بحبك» يا حبيبي يا وطني.