تظاهر مليونا لبناني من أجل الكرامة ومطالب محقة على مدى 18 يوماً، وبدل أن يلاقيهم العهد في ساحاتهم فتح كوة في وطنهم ونزل إلى ساحة مقابلة في محاولة فاشلة منه لمصادرة آخر ما يملكون وهو صوتهم الهادر، فهتفت ساحة العهد للوطن والحقوق والكرامة، لكن سرعان ما انزلقت وأسقطت معها رمز رئيس الجمهورية الذي أثبت أنه ليس رئيسا للبنانيين أو «أب الكل» كما يدعي التيار العوني، إنما هو رئيس ل«طائفة».واعتبر مراقبون أن كلمة عون لأنصاره دون باقي المتظاهرين تعد تكريساً للخطاب الطائفي. وقال عون لمؤيديه أمام قصر بعبدا أمس (الأحد) إنه يرى «شعب لبنان بأكمله من خلال مسيرات مؤيديه». وأضاف في إشارة إلى المتظاهرين الذين سبق أن رفضوا خطابيه السابقين «كثيرون يعرقلون خارطة الطريق التي وضعناها»، ولفت إلى أنه رسم خارطة طريق تتضمن الفساد، والاقتصاد، والدولة المدنية. واعتبر أن «الفساد لا يمكن أن يزول بسهولة، لأنه متغلغل في الدولة اللبنانية»، لكنه اعترف بأن «الشعب فقد ثقته بدولته». أما جبران باسيل، الذي عاث في حكومات لبنان فساداً وفي حقوق كل الطوائف طغياناً -وفقا لمبدأ «أنا أو لا أحد»-، فقد ظهر قبيل عون ليؤكد أنه لن يستسلم لخروجه المؤقت من السلطة بعد أن أسقط الشعب اللبناني حكومة الولي الفقيه التي كادت أن تأخذ لبنان إلى مثواه الأخير. جبران أعلنها صراحة أنه مستمر في نهجه وطغيانه المستمد من «حزب الله»، مواصلا شراكة الفاسد والمجرم والبلطجي في محاربة الشعب اللبناني، غير آبه بنبش الحرب الأهلية. وحاول باسيل، الذي وصف مطالب المحتجين بأنها «تعجيزية ومدمرة للاقتصاد»، أن يستعيد اعتباره الذي سقط، ولكن بدل أن يستعيد اعتباره بملاقاة كل اللبنانيين استعاد لغة الشارع مقابل الشارع، ولغة الفوقية على باقي شركاء الوطن. واعتبر أن شعار «كلن يعني كلن» «ينبغي أن يكون للمساءلة وليس للظلم»، داعياً لعدم اتهام الجميع بالفساد، معبرا عن فخره «بتحويل لبنان إلى بلد نفطي» -على حد تعبيره-. وقال باسيل: «لا ينبغي أن تنتهي الثورة ببقاء الفاسدين ورحيل الأوادم»، معتبرا أن الهدف الأساسي لما سماها «الأحداث الأخيرة» هو «إسقاط العهد». من جهته، وصف رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط خطابي الرئيس اللبناني ميشال عون وصهره وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل بأنهما «كلام شعبوي فارغ يعود إلى 30 عاما مضت». وعلق جنبلاط على الخطابين في تغريدة على حسابه ب«تويتر» أمس (الأحد) بقوله: «عدنا إلى المربع الأول». وكان جنبلاط قال في تغريدة أخرى: «في أوج الأزمة السياسية التي تواجه البلاد وتبعاتها الاقتصادية والاجتماعية وبعد أن أسقط الحراك الشعبي معظم الطبقة السياسية إن لم نقل كلها، يأتي من يسقط الدستور تحت شعار التأليف ثم التكليف من أجل مصالح الاستبداد لشخص وتيار سياسي عبثي».