عداء إيران لدول المنطقة خاصة المملكة واستهداف أمنها واستقرارها ليس جديدا لكنه بلغ حافة الهاوية بالاعتداء الإرهابي على معملي أرامكو في بقيق وخريص، لتصبح في صدام مع مصالح العالم الذي أجمع على إدانة الاعتداء الآثم، حتى القوى الأوروبية المؤثرة التي كانت ترى إمكانية تعديل السلوك الإيراني العدائي، هي اليوم تصطف مع المملكة والولايات المتحدة في تحميل إيران المسؤولية. الأحداث تتوالى والتحالف الدولي لحماية إمدادات النفط في الخليج تبلور إلى حد كبير، وهو رسالة قوية إلى النظام الإيراني بأن المحاسبة قادمة ولا بد من الكف عن العبث بأمن دول المنطقة والاقتصاد العالمي، في الوقت الذي تقوم فيه المملكة بتحركات سياسية واسعة النطاق عبر الأممالمتحدة، انتظارا لنتائج التحقيقات كاملة لاتخاذ الرد المناسب. التحليلات السياسية والعسكرية بطبيعة الحال متلاحقة مع الأحداث عبر مختلف وسائل الإعلام، وما يهمنا هنا هو الرأي العام السعودي أولا والذي يدرك جيدا أبعاد المخطط الإيراني، والمليشيات التي باعت بلادها لأجندة طهران الخبيثة، لكن لا بد من فهم الصورة الشاملة للأحداث وتداعياتها وليس فقط التوقف عند الاعتداء الأخير على خطورته كذروة التصعيد الإيراني وإن أنكر نظام الملالي مسؤوليته وتلك طبيعته في الاعتداءات ببصمات خفية وإنكار دوره. الوعي المطلوب لا يُستقى عبر شبكات التواصل التي هي ساحة لانطباعات سطحية، وكثير من روادها عرضة لسموم التشكيك الكاذب في موقف بلادنا، فهناك من يرى أن المملكة عليها أن ترد عسكريا طالما أن بلادنا بحول الله قوية، وقد ثبت أن الأسلحة المستخدمة في الاعتداء إيرانية الصنع، وآخرون يتساءلون: لماذا لا تبادر أمريكا بضربة نوعية دقيقة تردع إيران، إلى آخر مثل تلك الآراء. يمكن تفهم الاندفاعات العاطفية لدى البعض ممن يرون أن الحرب هي السبيل الأنجع، دون فهم منهم لطبيعة قرارات الدول الرشيدة وسياستها في هكذا أزمات، بإستراتيجية شاملة تضمن معها تحقيق أهدافها سياسية كانت أم عسكرية، وليس مجرد رد فعل تكون معها الحرب ذات أكلاف عالية للجميع بدرجات مختلفة، إلا إذا كان الخيار العسكري اضطراريا دفاعا في مواجهة مباشرة. وهنا لا بد من فهم حكمة المملكة في حشد المجتمع الدولي الذي يكفل الردع السياسي والاقتصادي لنظام طهران ومزيدا من العزلة والعقوبات التي هو الخاسر فيها داخليا. أيضا الحل العسكري وهو ليس مستبعدا بالمطلق، لا بد أن يضمن إسنادا وتحركا دوليا باعتبار أن الخطر الإيراني يقوض استقرار المنطقة والاقتصاد العالمي، كما أن الحرب وإن كانت آخر الدواء، تحتاج إلى استعدادات وخطط محكمة يوازيها غطاء دولي كما ذكرت، ولنتذكر أن صدام حسين احتل الكويت في بدايات أغسطس 1990 بينما انطلقت حرب تحرير الكويت في يناير من العام التالي أي بعد خمسة أشهر، كما أن أي خطوة عسكرية تتطلب ضمن الاستعدادات الهائلة حماية المصالح الحيوية لدول المنطقة بما يكفي لصد أي حماقات إيرانية باعتبار أن إيران ليس لديها الكثير لتخسره بعد أن خسرت كل شيء في الداخل والخارج والعقوبات التي جلبها ذلك النظام على بلاده وشعبه بعداواته وأطماعه واستنزاف ثرواتها على مليشيات إرهابية. أخيرا لقد تجاوزت المملكة أزمة الإنتاج في زمن قياسي، وتواصل التحقيقات بمشاركة دولية وتتحرك سياسيا على كافة الأصعدة، ويبقى على العالم مسؤولية واضحة بمحاسبة إيران بكل حزم ورفع كلفة جرائمه حتى تقبره سياسته العدائية. * كاتب سعودي