ولقد كثر الحديث منذ سنوات عن العلاقة بين استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وبين الاكتئاب والشعور بالوحدة، غير أنه لم يثبت وجود علاقة سببية. ولكن لأول مرة، فإن أبحاث جامعة بنسلفانيا تربط بين استخدام Facebook وSnapchat وInstagram وبين الإحساس بالتعاسة، وفقا للموقع الرسمي للجامعة. وفسرت عالمة النفس بكلية الآداب والعلوم في جامعة بنسلفانيا، ميليسيا جي هانت، نتائج الدراسة بقولها "عندما لا تكون منشغلا بالانخراط في وسائل التواصل الاجتماعي، فإنك ستقضي وقتا أطول في فعل الأشياء التي من المرجح أن تجعلك تشعر بتحسن حقيقي حيال حياتك". وأضافت: "بما أن هذه وسائل التواصل الاجتماعي وجدت لتبقى، فيتعين علىنا كأفراد معرفة كيفية استخدامها بطريقة تحد من تأثيراتها الضارة، وبشكل عام أود أن أقول، ضع هاتفك جانبا وكن أكثر اندماجا مع الأشخاص الذين تعيش معهم". وقام فريق البحث المكون من ثلاثة طلبة جامعيين بجامعة بنسلفانيا، بتصميم الدراسة العلمية بحيث تشمل المنصات الاجتماعية الثلاثة الأكثر شعبية بين أوساط طلاب الجامعة، ثم جمعت بيانات استخدام مواقع التواصل الاجتماعي من خلال تتبع التطبيقات النشطة أي التي تستخدم فعليا على هواتف ال iPhone الخاصة بالمشاركين في الدراسة. وتم اختيار المشاركين والذين بلغ عددهم 143 مشاركا، الغالبية من الإناث 108، و35 من الذكور، من بين طلبة قسم علم النفس بجامعة بنسلفاني، وكانت الشروط الواجب توفرها في المشاركين هي امتلاك حسابات على Facebook و Instagram وSnapchat، واقتناء جهاز iPhone. وفي بداية الدراسة ملأ المشاركون استبيانا لتحديد الحالة المزاجية والنفسية، بالإضافة إلى تقديم لقطات شاشة "screenshots" لهواتفهم المحمولة والتي تظهر معدلات الاستخدام الأسبوعية لوسائل التواصل الاجتماعي، ثم تم تقسيم المشاركين بشكل عشوائي إلى مجموعتين، الأولى كان المشاركون يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي بنفس المعدل الذي اعتادوا عليه والذي تراوح بين 60 و 75 دقيقة يوميا، والمجموعة الثانية التي تم تحديد وقت استخدام Facebook و Snapchat و Instagram فيها لمدة 10 دقائق لكل منصة في اليوم الواحد بمجمل 30 دقيقة لكل المنصات. وعلى مدار ثلاثة أسابيع تالية، شارك المستخدمين لقطات شاشة تبين السجلات الأسبوعية لاستخدام المنصات الاجتماعية الثلاثة لكل فرد، وقام الباحثون بقياس بعض مؤشرات الحالة النفسية للمشاركين من خلال استبيانات تقيس القلق و الاكتئاب والشعور بالوحدة و الدعم الاجتماعي والخوف من الفقد واحترام الذات وقبولها. وحوت الدراسة على استبيان لقياس درجة القلق كانت الأسئلة فيه من قبيل "أشعر بالقلق" أم "أشعر بالهدوء"، واستبيان قياس الاكتئاب شمل 4 خيارات كانت كالتالي "استمتع كثيرا بالأشياء التي اعتدت على فعلها والاستمتاع بها من قبل"، "لا أستمتع بالأشياء بقدر ما اعتدت على ذلك"، "أحصل على القليل من المتعة من الأشياء التي اعتدت على الاستمتاع بها"، "أصبحت لا أشعر بأي متعة من الأشياء التي اعتدت على الاستمتاع بها من قبل". وكانت أسئلة استبيان قياس الدعم الاجتماعي على نمط "إذا كنت تريد أن تذهب في رحلة ليوم واحد إلى وسط المدينة، سيكون لدي صعوبة في العثور علي شخص يذهب معي" و"عندما أشعر بالوحدة، هناك العديد من الأشخاص الذين يمكنني التحدث إليهم" و"إذا قررت في أحد الأيام أنني أود أن أذهب إلى فيلم في المساء، يمكن أن أجد بسهولة شخص ما للذهاب معي". بينما كانت أسئلة استبيان الخوف من الفقد مثل "أشعر بالقلق عندما لا أعرف ما ستئول إليه علاقتي مع أصدقائي"، "أحيانا، أتساءل عما إذا كنت أبذل الكثير من المجهود لمواكبة ما يفعله الآخرون" و"أخشى أن يكون لدى الآخرين علاقات اجتماعية أفضل مني". تبين من الاستبيانات النتيجة الجوهرية للدراسة والتي أكدت أن "استخدام وسائل تواصل اجتماعي أقل من المعتاد يؤدي إلى انخفاض كبير في كل من الاكتئاب والوحدة، وتتضح هذه التأثيرات بشكل خاص على الناس الذين كانوا أكثر اكتئابا عندما دخلوا الدراسة ". وأكدت هانت أن النتائج لا تحث الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و 22 عاما على وجوب التوقف عن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي تماما، فقد تجنبت الدراسة وضع أهداف غير واقعية، وإنما هي تدعو فقط إلى الحد من وقت استخدام هذه التطبيقات. وقالت هانت "للوهلة الأولى قد تبدو حقيقة أن تقليل استخدام وسائل التواصل الاجتماعي سيقلل من الشعور بالوحدة، مثيرة للسخرية، لكن التمعن في هذا الشأن أثبت منطقية النتائج، حيث يعقد قدر هائل من المقارنة الاجتماعية على هذه المنصات الاجتماعية، فعندما تنظر إلى حياة الآخرين، لا سيما على Instagram، من السهل ان تستنتج أن حياة كل شخص آخر أكثر روعة وأفضل من حياتك". ونظرًا لأن هذه الدراسة العلمية تحديدا لم تتناول إلا Facebook و Instagram و Snapchat ، فليس من الواضح ما إذا كان سينطبق الأمر نفسه على وسائل تواصل اجتماعي أخرى أم لا.