بجميع أجهزتها وآلاف من رجالاتها ونسائها في جميع الوزارات والقطاعات استطاعت المملكة تحقيق نجاحات في حج هذا العام، وهو النجاح الذي يتراكم عبر المواسم المتلاحقة حتى غدا أنموذجاً يتفحصه العالم بشيء من الإكبار والتأكيد أن ملايين -(هذه السنة بلغ عدد الحجاج مليونين ونصف مليون حاج)- من الحجاج والمعتمرين يتوافدون خلال السنة في أماكن ضيقة ووقت محدد، فيتم استقبالهم وتقديم جميع الخدمات لهم ثم تفويجهم إلى بلدانهم بيسر وسهولة، وما هذا إلا عمل دؤوب قائم على التنسيق والاستعداد التام ليكون هذا التجمع هو الأنجح والأجمل في العالم. وفي خدمة الحجيج يعمل الآلاف من أبناء الوطن (سواء كانوا ضمن موظفي الدولة أو من ضمن المتطوعين) وجميعهم يحمل نية خدمة ضيوف الرحمن قبل التفكير بأي مداخيل إضافية، وهذه النية مضمرة في كل قلب تواجد لخدمة حجاج بيت الله؛ ولأنها نية مضمرة يظن بعض الحجيج أنه من المستحسن تقديم شيء ما لهذه القوى الإنسانية المتواجدة في كل مكان، والظن الحسن من قبل حجاج بيت الله بتقديم شيء لهذه الخدمة المتفانية ما هو إلا قياس على ما يحدث في العالم من اعتبار أي فعل خدمي ينتظر صاحبه الشكر أو المكافأة حتى وإن كان تطوعياً فإن صاحب الخدمة ينتظر كلمة شكراً، وهذا فعل إنساني يقدر بأي شكل كان، يحدث هذا في جميع بقاع الأرض إلا أن خدام الحرمين تطوعاً أو خدمة موكلة إليهم يقومون بأداء مهامهم بنية الأجر من الله رب العالمين. وما حدث للطالب العسكري الذي رفض تقبل هدية من إحدى الحاجات مفهماً إياها أنه يؤدي واجباً (ليس واجباً وظيفاً فقط، بل واجب إيماني)، هذا الطالب كان محل تقدير الشعب أجمع ومحل تقدير مرؤوسيه، وحصل على مكافأة تفوق كثيراً ما قدمته تلك الحاجة له. وإن كنا مقدرين لهذا الشاب صنيعه إلا أننا لا ننسى آلافاً من رجال الدولة قدموا جل الخدمات الراقية لحجاج بيت الله، وكل منهم يستحق التكريم من قبل رؤساء كل قطاع، وكل منهم يستحق قبلة على جبينه للدورين: خدمة حجاج بيت الله الحرام، وخدمة وطنه. وقليل جداً أن نشكر أولئك الرجال والنساء الذين رفعوا راية الوطن عالياً في مناسبة هيأ الله لها من يخدم ضيوفه حباً وتكريماً.