بكل فخر أتقدم لوطني الحبيب بكل من فيه، من قمة الهرم، خادم الحرمين الشريفين، إلى أصغر مواطن ومقيم بالتهنئة القلبية الخالصة على النجاح الباهر لموسم الحج هذا العام. هذا الحدث العظيم الذي تشرفت المملكة بحمل أمانته قد يكون أكبر التجمعات البشرية في العالم من حيث صغر الحجم الجغرافي للمنطقة ومحدودية المدة الزمنية والكمية الهائلة من البشر التي تشارك فيه. وبالتالي، إدارة هذا الحدث باقتدار، وتسهيل أداء المناسك على هؤلاء الملايين هو بدون شك، أمر يستحق البهجة والاحتفاء والفخر. عاشت المملكة خلال الأيام الماضية دور المضيف الشهم الكريم لملايين الضيوف الكرام الذين قدموا من كل أنحاء العالم، ليحققوا حلمهم بأداء الركن الخامس ويكحلوا أعينهم برؤية الكعبة والصلاة في المسجد الحرام. كانت بلادنا الغالية في حالة استنفار تامة لاستقبال هؤلاء الضيوف وتسهيل رحلتهم الدينية. أصبح الجزء الغربي من المملكة ورشة عمل شغلها الشاغل راحة هؤلاء الضيوف. لم يتوان أي مسؤول في أن يبذل كل ما في وسعه ليقوم بواجبه تجاه الحجيج. في أعلى الهرم كان هناك الملك وولي عهده وأمير مكة يشرفون على راحة الحجاج، كان هنالك الوزراء يقفون في الميدان ليتأكدوا من أن واجبات وزاراتهم تسير على ما يرام، كان هناك أيضاً الجنود المجهولون من موظفين ومتطوعين رجالاً ونساء وأطفالاً نذروا راحتهم وأوقاتهم لخدمة ضيوف الرحمن. الكل يستحق أعذب وأصدق عبارات الشكر والتقدير على تبييض وجوهنا أمام الله وأمام هؤلاء الضيوف وأمام العالم أجمع وجعل هذه الأيام المباركة تمر بكل يسر وسهولة، لكن لابد من شكر خاص وعميق لمنسوبي وزارتي الداخلية والصحة باعتبارهم يتحملون الجزء الأكثر حساسية والمسؤولية الأكبر، ذلك أن عملهم يتعلق بحفظ أرواح زوار بيت الله. أهل مكة، الكرام البررة، لهم أيضاً شكر خاص على ماشاهدناه من كرم الضيافة والتفاني غير المستغرب في الحفاوة بضيوفهم وضيوفنا، المشاهد التي رأيناها لأطفال مكة وهم يخدمون الحجيج ولكبارها وهم يسقونهم ويرددون الأهازيج المرحبة بهم كانت تبعث على الفخر والسعادة. وأخيرًا، التغطية الإعلامية من هناك والفيديوات التي التقطها الحجاج من المشاعر المقدسة وانتشرت في شبكات التواصل الاجتماعي أظهرت الكثير من الجوانب الإنسانية العفوية والجميلة لأبناء هذا الوطن وهم يتفانون في خدمة الحجيج.. لحظات لم نكن لنعرف عنها الكثير لولا توثيقها من قبل الإعلاميين، هواة كانوا أو محترفين. فشكراً لهم. بقي أن نقول: إن موسم الحج لهذه السنة انتهى، وربما لا يعلم الكثير بأن الاستعداد لموسم حج العام المقبل سيبدأ بعد أيام قليلة، إلى ذلك الحد من الحرص، تأخذ السعودية مهمتها الشريفة، وهذا هو أحد أسرار نجاحها في إدارة هذا الحدث العظيم!