لقب «دولة» ربما من أصل عثماني (ويقال عربي)، يقصد به صاحب الحكومة والوزير الأول فيها، وأكبر سلطة بعد الملك أو السلطان أو رئيس الدولة في حالة مصر. وكانت المراسلات في الدولة العثمانية تبدأ بكلمة «دولتلو» والتي جاء منها لقب «دولة» عند مخاطبة صاحب الدولة. ويقع مكتب رئيس وزراء مصر في قصر تاريخي ذي طراز إيطالي فرنسي بديع بني في الفترة بين 1900 و1907، ويشتهر باسم صاحبته الأميرة شويكار خانم أفندي، الزوجة الأولى للملك فؤاد. اشترى منها الملك فاروق القصر ليكون مقراً لرئيس الوزراء المصري. وتوحي الفخامة والتاريخ والفن الإيطالي والفرنسي في معمار القصر للزائر بعظمة الماضي وشموخه، وأيضاً باستمرار دور القوة الناعمة في تشكيل المستقبل. وعندما شرفت بمقابلة دولة رئيس الوزراء المصري الدكتور مصطفى مدبولي كان الاجتماع ودوداً، عملياً، ومباشراً، كشخصية المضيف. كمستثمر سعودي في مصر وعضو في مجلس الأعمال السعودي المصري تحدثت عن اهتمام المستثمرين السعوديين بالاستثمار أكثر بمصر كأحد أهم أسواق الشرق الأوسط. وملاحظة المستثمرين بالحركة الاقتصادية الإيجابية في السوق المصري وسط أسواق أخرى أصبحت أقل جاذبية للمستثمر السعودي مثل تركيا وسورية ولبنان، والتي لم تعد تعطي المستثمرين السعوديين الأمان أو العائد الذي يعطيه السوق المصري الآن وفي المستقبل القريب. الرجل كان عائداً من ألمانيا حيث أعاد استثمارات شركة مرسيدس وبوش وغيرها للسوق المصري. ورغم فرق الحجم إلا أنه كان مهتماً بالسؤال عن أي عقبات تواجهني كمستثمر في السوق المصري. وهذا الاهتمام بالاقتصاد والاستثمار والمستثمرين أصبح الاتجاه الأبرز للمسؤولين في الشرق الأوسط في عصر ما بعد الربيع العربي. استقرار دول الشرق الأوسط أصبح رهن تحقيق قفزات اقتصادية وعلمية ومهنية كبيرة تعتمد على قطاع خاص قوي يخلق وظائف ويشارك في تحقيق رفاهية المواطن. وشعرت أن دولة رئيس الوزراء واثق من المستقبل ومن الحراك الاقتصادي الكبير٬ وربما أن الخطوات الاقتصادية المؤلمة (للجميع) قد بدأت تؤتي ثمارها وحلت مصر في المركز الثالث في معدلات النمو بعد الصين والهند حسب الإيكونوميست البريطانية. والمؤشرات أن الأسواق ذات التعداد السكاني الكبير ربما هي حصان الرهان في المستقبل، إذا أُحسن إدارة مواردها. وتمنيت أن تنتقل عدوى الاهتمام بالمستثمر للأجهزة الإدارية للحكومات، فتحديات المستقبل لن تتحمل عقليات الماضي. وقابلت ثقة دولة رئيس الوزراء في الاقتصاد المصري بثقة أكبر في طلب التقاط صورة سيلفي معه. وخرجت ونسيت أن أسأل «دولتلو» بالعثماني، ماذا سيحل بهذا القصر الجميل بعد انتقال الحكومة إلى العاصمة الإدارية الجديدة. ولكن في المرة القادمة سوف أسأل دولته. * طبيب وكاتب ومدير تنفيذي hazem.zagzoug@