من نعم الله علينا أن تقوم الدولة حسب توجيهات ولي الأمر بطلب مرئيات المجتمع وقطاع الأعمال عن الأنظمة الجديدة التي يتم تطبيقها. ومنها نظام التخصيص والذي يقوم المركز الوطني للتخصيص بمسؤولية تطبيقه ضمن رؤية 2030. والنظام واسع ويشمل الكثير من الجوانب التي ستؤثر على مستقبل صناعات كثيرة وعلى المستثمرين والمواطنين على حد سواء. ومن اللافت للنظر أن النظام يولي اهتماما كبيرا بتذليل العقبات أمام المستثمرين الأجانب. وهو أمر مهم وحيوي لتطور بيئة الأعمال والاستثمار السعودية. وربما كان من النقاط التي تؤكد ذلك في القطاع الصحي٬ السماح للمستثمرين بتملك المستوصفات والعيادات وسائر أنشطة الخدمات الصحية والتي كانت سابقا محصورة على المستثمرين السعوديين. أما المستثمرون الأجانب فكان من المسموح لهم الاستثمار في المستشفيات فقط. وربما من المفهوم أن تحاول الدولة إدارة هيكل السوق في قطاعات كثيرة ومنها القطاع الصحي بتحفيز الاندماج للشركات لخلق شركات أكبر لديها القدرة علي المنافسة وخلق اقتصاد قوي. والواقع الحالي في المجال الصحي هو تفتت مقدمي الخدمة مما يؤثر على قدرة هذه الشركات على الاستمرار والمنافسة والتطور. وإذا نظرنا إلى إمكانية دخول مستثمرين أجانب كبار في قطاع الخدمات الصحية فإن النتيجة الحتمية هي خروج العديد من المستثمرين السعوديين من السوق أو خيار الاندماج لتكوين كيانات أكبر وهو الاحتمال الأضعف. وأتذكر مقولة لصديق، إن الكثير من الشركات الصغيرة والمتوسطة في بلادنا تستمر صغيرة ل30 سنة وبالتي لا تستحق الحماية، وفي النهاية البقاء للأكبر هي سنة الحياة. أما ما يثير الاهتمام هو المادة 52 والتي تحمي المستثمر من نظام المنافسة! لا أعلم مدى الاحتياج إلى هذه الحماية في معظم الصناعات ولكن أتوقع أن يكون تأثيرا كارثيا على القطاع الصحي الخاص. من القطاعات القليلة التي تحتل فيها شركات الدولة موقع الاحتكار أو الهيمنة هي التعليم والصحة بصفتها (الدولة) أكبر مقدم للخدمات في هذين القطاعين. ولكن نظرا لأن الدولة لم تقدم خدماتها بأجر فإن الهيمنة هنا كانت ذات أثر محدود. ولكن سوف يتغير هذا الأمر تماما في التخصيص. وعندما يرث المستثمر الأجنبي أو الوطني شركات الدولة المهيمنة٬ سوف يكون في موضع احتكاري بالضرورة وسوف يقوم بممارسة وضعه الاحتكاري ودون أي مراقبة أو محاسبة حالية أو مستقبلية. فحسب واضع المادة فلن يخضع المستثمر لأي تعديلات قد تنشأ على نظام المنافسة وليس فقط النظام الحالي. قد نتفهم أن المشرع لنظام التخصيص يريد أن يطمئن المستثمر ولكن ليس على حساب مستثمر آخر لم يرد أن يستثمر في برنامج التخصيص أو على حساب هيكلة للسوق محفزة للاستثمار. لم نضع المستثمر الوطني الصغير والمتوسط على شفا جُرْف هَارٍ؟ ما هو رأي هيئة المنافسة وما مدى استعدادها لمواكبة الخصخصة؟ أَلَمْ يئن لهيئة المنافسة أن تكون فريق عمل متخصصا لإدارة هيكل سوق الخدمات الصحية؟ * كاتب سعودي @hazem.zagzoug