رغم ما بدا من تفاؤل مع الوساطة الإثيوبية، خصوصا بعد ترحيب الفرقاء بها، إلا أنه بدخول المشهد السوداني في مرحلة العصيان المدني لليوم الثالث، تبدو الأزمة بين المجلس العسكري الحاكم وتحالف المعارضة قد دخلت في نفق جديد، وهو ما أطلق عليه مراقبون سياسيون مرحلة «كسر عظم»، محذرين من خطورة الاستمرار في التمترس خلف مواقف بعينها. ورغم أن الحياة بدأت تعود ببطء إلى عدد من شوارع العاصمة الخرطوم أمس، خصوصا المحلات التجارية ومحطات تزويد الوقود، وحافلات المواصلات العامة، إلا أن هذه العودة الخجولة تزامنت مع تعزيزات أمنية من قبل المجلس الحاكم الذي شدد على ضرورة فتح الطرقات، محملا في بيان «قوى إعلان الحرية والتغيير» التي تقود الاحتجاج كامل المسؤولية عما وصفه ب«الأحداث المؤسفة» التي تسببت فيها الممارسات غير الرشيدة التي تقوم بها ما تسمى بلجان المقاومة في الأحياء. الدعوة إلى العصيان المدني، التي أتت بعد أسبوع على فض الاعتصام، لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تكون بديلا للحوار والتفاوض الذي شدد عليه رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد خلال وساطة ال24 ساعة، ومن هنا فإن الأنظار تتجه نحو أديس أبابا من جديد بانتظار عودة الوسيط الإثيوبي لحلحلة الأزمة المستحكمة، ومحاولة البناء على ما تم خلال الجولة الأولى من الوساطة. ومن هنا، فإن الأمل أن يستمع طرفا الأزمة إلى صوت العقل والحكمة، وأن يقتنعا بأنه لا بديل عن الحوار والنقاش، وأن يغلبا مصلحة السودان الشقيق وشعبه على أية مصالح أخرى ضيقة. وبانتظار تجديد الوساطة الإثيوبية وعودة آبي أحمد إلى الخرطوم، فإن جميع الأطراف مطالبة بالتهدئة وعدم التصعيد والحيلولة دون انزلاق البلاد إلى الفوضى والاضطرابات.