حدث تاريخي فريد من نوعه تشهده المملكة حيث تتجه أنظار العالم باتجاه مكة إذ عقدت قمتان خليجية وعربية أمس، بجوار الكعبة المشرفة وفي ليالٍ مباركات، هاتان القمتان اللتان عقدتا تأتيان تلبية لدعوة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز لإعداد مراجعة شاملة وكاملة لأوضاع الأمة العربية والإسلامية والوضع في منطقة الخليج العربي وتصحيح الخلل وإعادة الأمة إلى مسارها الطبيعي حفاظا على الأمن القومي وتأمين البيت الإسلامي من الداخل وتحصين البيت الخليجي. ولاشك أن القمم الثلاث (الخليجية والعربية والإسلامية) تنعقد في مرحلة حاسمة من تاريخ الأمة وفي ظل التحديات الجسيمة والأخطار المحدقة التي يشهدها العالم العربي والإسلامي، خاصة بعد استهداف المملكة مؤخرا الأمر الذي تطلب التشاور الخليجي والعربي والإسلامي في قمم تشكل فرصة مهمة لتوحيد الموقف الخليجي العربي والإسلامي لحماية الأمن القومي للدول العربية والإسلامية وتوحيد كلمتها والتصدي للتحديات والأخطار المحدقة بها وتجنيب المنطقة والعالم خطر الانزلاق للفوضى والحرب التي يرغب النظام الإيراني إشعالها في المنطقة بعد العمليات الاستفزازية والعدوانية التي ارتكبها ضد المملكة والإمارات والتي تعتبر استكمالا لحلقات التآمر الإيراني على مكتسبات الامة. العالم أجمع يتطلع لمخرجات القمم الثلاث التي ستشهد عصفا ذهنيا على مدار الأيام القادمة وزخما سياسيا مكثفا يتعانق مع الزخم الروحاني الذي تشهده البقعة المباركة من المملكة حيث تعقد القمة الخليجية والعربية، وهذه القمم التي وصفت بأنها قمم السلام والردع، تعقد في وقت حرج تتصاعد فيه لهجة التهديدات الإيرانية، وتمر فيها المنطقة بفترة تعتبر الأصعب والأدق. حيث أوصل النظام الإيراني الأوضاع في المنطقة إلى حافة الحرب، ورأت قيادة المملكة أنه من واجبها التعامل مع كل المتغيرات والأحداث من خلال دبلوماسية القمم المتنوعة لحل كل القضايا المتعلقة والقضايا بالمنطقة والتحرك في إطار السلام وفي نفس الوقت الردع لأي محاولة بالمساس بأمن المملكة. الرؤية السعودية تجاه هذه القضايا العربية والإسلامية واضح وثابت ولن يتغير، حيث أكدت المملكة مرارا على ضرورة تحقيق السلام الشامل في المنطقة وفق قرارات الشرعية الدولية وتحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني المشروعة ورفض التدخلات في الشؤون الداخلية والتضامن مع الجهود العربية والإسلامية ورفض أي محاولات لتقويض أمن واستقرار المملكة، وذلك على خلفية تعرض محطتين لضخ النفط بالمملكة لاعتداء حوثي. إن المملكة التي ارتأت أن تعقد هذه القمم الثلاث في هذه الأيام المباركة لكي تسهم روحانية شهر رمضان الكريم وقيمه القائمة على التسامح والسلام والردع لمجابهة أي محاولة إيرانية لتأجيج الحرب، فالمملكة دولة مؤثرة في القرار العالمي وتمارس دورها الإستراتيجي في بناء سياج الدفاع عن مصالحها ومصالح الأمتين العربية والإسلامية. ولهذا فإن الكثير من القضايا ستكون مطروحة على مائدة الحوار، في التجمع الخليجي والعربي والإسلامي الكبير الذي ستتمخص عنه قرارات حاسمة لإدانة أي تدخلات إيرانية في الشأن الخليجي أو العربي، والرفض القاطع لدعم النظام الإيراني لمليشيات الحوثي، واستخدام أراضي اليمن كمنصة تصوب من خلالها الأسلحة الباليستية والطائرات المسيرة نحو الأراضي السعودية، في اعتداء صارخ على حرمة البلد الآمن. أن المملكة باستضافتها القمم الثلاث ترسل رسالة من مهبط الوحي ومهد الرسالات أنها بلد التسامح والاعتدال والوسطية وترفض الإرهاب والعنف وتسعى للسلام والأمن وترفض الحروب، وفي نفس الوقت تسعى مستعدة للردع في حالة المساس بأمنها. القمم الثلاث تعتبر فرصة للحوار بين الأشقاء والزعماء حول كل القضايا التي تهم الخليج والعالم العربي والإسلامي، ووضع الحلول لمواجهة الأزمات والتحديات وتحديد القواسم المشتركة التي تؤهل الدول العربية والخليجية والإسلامية للحفاظ على استقرار المنطقة وحماية مقدراتها، ومواجهة أي محاولة للانتقاص من حقوقها ومصالحها أو التدخل في شؤونها الخاصة، ولم الشمل ورص الصفوف للتعامل مع الأخطار التي تهدد المنطقة، خاصة من النظام الإيراني الذي لا ينفك يهدد المنطقة، في محاولة لزعزعة الأمن والاستقرار وإثارة القلاقل والاضطرابات لتحقيق أطماعه في منطقة الخليج، فالمملكة العربية السعودية لن تسمح لأحد بالتطاول على سيادتها وسيادة منطقة الخليج والمنطقة العربية بأسرها.. إنها قمم الليالي المباركات.. وهذه القمم هي أيضا للتعانق الروحاني - السياسي في رحاب بيت الله الحرام، والمملكة ستظل مرجعية السلام والردع.