اقترب الاتفاق النووي الإيراني من الانهيار الكامل، ولم يبق أمام طهران سوى خيارين، أحلاهما مر، فإما الخضوع الكامل للعقوبات، أو إعادة التفاوض على اتفاق جديد. وقد استثمرت إيران خلال 4 سنوات الكثير من فوائد الاتفاق الذي لم تلتزم بمعظم بنوده، وتعلن الانسحاب تدريجياً منه في غضون شهرين. وبموجب الاتفاق حصلت إيران على أكثر من 100 مليار من أرصدتها المجمدة في البنوك الخارجية وتم رفع الحظر المالي والمصرفي عنها، كما رفعت معظم العقوبات الاقتصادية، خصوصا في مجال النفط والغاز والاستيراد والتصدير والتعامل بالدولار وعودة التبادلات التجارية. ودخلت الشركات الاستثمارية الخارجية، خصوصا الأوروبية، بالمئات، وعقدت عقودا بالمليارات في مجال الطاقة والصناعة والخدمات. وفي يونيو 2015 توصلت طهران إلى اتفاق مع دول 5+1 (الولاياتالمتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا والصين وروسيا وألمانيا)، لإنقاذ البلاد من الانهيار. ووافقت بموجبه طهران على الحد من تخصيب اليورانيوم الذي يستخدم في صنع وقود المفاعلات والأسلحة النووية، وإغلاق مفاعل الماء الثقيل الذي يستخدم وقودا للمستهلك على بلوتونيوم مناسب لصنع قنبلة، كما وافقت على عمليات التفتيش من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية. لكن نظام الملالي أخل بالتزاماته الأساسية وانتهك عام 2016 الحد المسموح به لإنتاج الماء الثقيل، وحصل على أجهزة الطرد المركزي المتطورة لتخصيب اليورانيوم أكثر من الحد المسموح به. ورفضت طهران دخول مفتشي الوكالة إلى المواقع العسكرية الحساسة، مثل موقع «بارتشين» ومواقع أخرى. وتمادت إيران في بالأنشطة العدائية في المنطقة ودعم الإرهاب في سورية واليمن والعراق ولبنان وطورت برنامج الصواريخ المثير للجدل. وإزاء هذه الانتهاكات انسحبت واشنطن من الاتفاق في 8 مايو 2018، وشرعت في فرض العقوبات على طهران، التي استهدفت قطاعات الطاقة والنفط والمال الإيراني، ما أدى إلى انهيار اقتصادي وارتفاع التضخم. ومع إعلان طهران عدم التزامها وتهديدها بتعليق القيود المفروضة على تخصيب اليورانيوم وإعادة تصميم مفاعل الماء الثقيل، سارعت أوروبا إلى تحذيرها وتهديدها بالعقوبات، فيما ردت واشنطن بإرسال بارجاتها وسفنها الحربية إلى المنطقة لردع التهور الإيراني، ومن ثم فإنه لم يبق أمام ملالي إيران إلا الخضوع الكامل للعقوبات أو إعادة التفاوض على اتفاق جديد بشروط جديدة.