رغم اختلاف مسميات ومضمون التيارات التي عايشها مجتمعنا، إلا أنها تشترك في سعيها إلى هدم الدين والأخلاق والمنجزات، ومع ظهور التيار النسوي هنا تساؤل مطروح: هل هي أزمة واقع أم أزمة فكر؟ إن ما يسمى بقضايا المرأة هو مرآة لإشكاليات ثقافية في المجتمع تعكس الحالة الفكرية والعادات التي يسير عليها المجتمع، وتشير كثير من الحالات إلى تفاوت أوضاع النساء في العالم وتعرض المرأة لأمور ترفضها الإنسانية والقوانين والشريعة الإسلامية، ومع تصدر القضايا الحقوقية للمرأة للمشهد وتعدد القراءات الناقدة عبر الوسائل المرئية والمكتوبة، إلا أننا لا نجد نقداً متكامل الجوانب لواقع المرأة، ولا حلولاً لقضاياها، فلم تتطرق كل تلك القراءات إلى وضع المرأة وحقوقها في الأديان والثقافات الغربية والعادات والثقافات العربية بشكل صحيح، وأيضاً يرافق هذا التصدر كتابات ناقدة للمجتمع، ومقارنات مقرونة بمبالغة قد لا تتجاوز بعض الوقائع والأحداث غالباً ويتم نقدها تارة بشكل سطحي رغم أنها تستدعي أكثر من ذلك، وتارة تعطى أكبر من مساحتها مع أنها لا تستحق كل ذلك. ومع تصاعد تلك الأزمات التي تتعرض لها المرأة في العالم يخرج نموذج المرأة الحقوقية لتتصدر المشهد كنموذج عالمي وتقدم صورة للمجتمع كيف يجب أن تكون صورة المرأة المثالية، وأن الفكر النسوي هو الحل الوحيد والأمثل للمرأة للخلاص من جميع مشاكلها. لكن الفكر النسوي أو الليبرالية الجديدة، لم يكن المناسب لبناء المجتمع ولا الحل الأمثل لقضايا المرأة، وفرض على المرأة أن تعيش في أزمة فكر دائمة كغيرها، فبعد أن خرجت من زنزانة فكر قديم استسلمت فيه سابقاً لكافة أنواع الجمود الفكري والتهميش، وقعت في دوامة فكر متحرر يقودها إلى الانحلال، تعددت أشكال النقد مع هذا الزحام، ما بين نقد غير مكتمل الجوانب لوضع المرأة، ونقد أيضاً للتيارات التي تبنت قضاياها وتسببت في خلق مزيد من الأزمات الاجتماعية للمرأة، وجعلها في أزمة تفكير مستمر، إحدى القراءات الناقدة في الغرب نقدت النسوية في صورتها الجديدة وكما سمتها «النيوليبرالية» وتساءلت كيف أصبحت النسوية تخدم الرأسمالية، فحيث إنه مع تزايد المطالبات التي تدعو إلى تمكين المرأة في العمل تم استغلال حاجة المرأة للعمل لتعمل وبأجر زهيد.