شاعر برتبة «بروفيسور» وأكاديمي برتبة «شاعر»، كتب قصائده بنضج الإعلامي المتخصص وعذوبة وأصالة الشاعر الذي تكاد من خلال مفرداته أن ترى بياض قلبه الناصع، يعمل حالياً عميداً لكلية الإعلام والاتصال بجامعة الإمام محمد بن سعود، لكن الشاعر الأمير سعد آل سعود المعروف باسم (منادي) أوضح في حواره مع «عكاظ» أن الإعلام بمنصاته الرقمية الجديدة لم يخدم الشعر، وكشف أنه يعمل مع إحدى الجهات المعنية بالثقافة على مشروع لخدمة الشعر. وقال الدكتور سعد آل سعود إن اهتمامه بالوسط الأكاديمي لم يبعده عن الشعر الذي منحه معرفة الناس، لكنه لم يخفِ عدم رضاه عن الشعر في زمن منصات التواصل الاجتماعي، وقال إن وضع الساحة الشعبية الآن ينطبق عليه قول الشاعر المغربي محمد بينيس «غربة الشعر في أرض الشعر».. منادي أوضح في حواره سر انتشار قصيدته الوطنية «الزعامة»، وكشف العلاقة بين قصيدته «حلم المدينة» وفتاة ترعى الغنم في الصحراء.. وإليكم تفاصيل الحوار: • سرق الوسط الأكاديمي الأمير سعد آل سعود من الشعر بشكل مفاجئ، وواصل طريقه الجديد إلى أن حصل على درجة «الأستاذية»، أين يجد الأمير سعد آل سعود نفسه حالياً؟.. هل يجدها في الشعر الذي منحه «حب الناس» أم الوسط الأكاديمي الذي منحه درجة «بروفيسور»؟ •• كان الشعر ولا يزال موهبتي وهوايتي الأولى، ومثل ما تفضلت يكفي أنه منحني معرفة الناس، لكن حتى أكون صادقاً معك ومع القراء أعتقد اني أعطيت الشعر ما يستحقه من الوقت والاهتمام طوال سنوات مضت، وحالياً تحول اهتمامي بلا شك إلى العمل الأكاديمي، لكني ما زلت أكتب الشعر بحسب ما يسمح به الوقت وما تفرضه الظروف. • في فترة توهج المجلات الشعبية كان الأمراء والشيوخ في الخليج العربي يتواجدون بقوة -شعرياً وإعلامياً-، وعند اختفاء المجلات اختفت تلك الأسماء ولم يستمر منها سوى 4 أسماء تقريباً.. ما تفسيركم لذلك؟ •• هناك فترة توهج للشعر والشعراء في الخليج مرت (وأعتقد أنها غادرت بلا عودة)، إذ كان للشعر منابره المحدودة وفي مقدمتها المطبوعات والصفحات المتخصصة، التي يلتقي من خلالها الجميع حول الشعر ويبرز من يستحق البروز والنجاح. وعندما تبدلت الأدوات والوسائل، وتعددت المنابر ومنصات النشر، أضاع الكثير من الشعراء المتميزين الطريق الجديد للوصول إلى جمهورهم أو أضاع الجمهور طريقهم. ربما ينطبق على الوضع قول الشاعر المغربي محمد بينيس: «غربة الشعر.. في أرض الشعر». • هل يعني ذلك أنك لستَ راضياً عن وضع الشعر حالياً، في زمن منصات السوشال ميديا؟ •• البيئة الرقمية وما تتيحه من وسائط متعددة ومساحة أكثر جاذبية وتفاعلية يفترض أن تخدم الشعر وجميع الفنون بشكل أفضل، وأن تبعث المطبوعات المتخصصة بالشعر والموروث نفسها من جديد كنسخ إلكترونية تفاعلية واسعة الانتشار، لكن للأسف لم تستثمر هذه التقنية حتى الآن بالشكل المطلوب لصالح الشعر كمشروع أدبي ثقافي، بدلاً من الجهود الفردية التي يتساوى فيها الجيد والسيئ، ويصبح مقياس النجاح عدد المتابعة بغض النظر عن نوعية الجمهور وكيفية استقطابه. • تعمل حالياً عميدًا لكلية الإعلام والاتصال بجامعة الإمام محمد بن سعود، هل استفدت من تجربتك الإعلامية لخدمة تجربتك الشعرية؟ •• العكس صحيح، تجربتي الأكاديمية في مجال الإعلام قلصت من الوقت الممنوح للشعر؛ لذا لا أعتقد أنها خدمت شعري، مع العلم أن عملي في إدارة كلية للإعلام وتدريسي لطلاب الدراسات العليا أوجد لدي قائمة صداقات واسعة من المنتمين والمؤثرين في الوسط الإعلامي. • أخبرني أحد الشعراء الشباب، الذي أصبح فيما بعد معروفاً على نطاق واسع، بأنه درس عند الأمير سعد آل سعود إحدى المواد في الجامعة، وأوضح لي بأن شخصية الدكتور سعد صارمة في التدريس على عكس ما تبدو في الشعر.. ما سر هذا التباين؟ •• أكيد أنه كان طالباً كسولاً، بصراحة أنا بطبيعتي أميل إلى المحافظة على درجة مقبولة من الجدية تضمن الالتزام بأداء العمل بشكل جيد، أيّاً كان هذا العمل سواء في التدريس أو الأعمال الإدارية الأخرى، أما خارج أجواء العمل فالأمر مختلف. وكما قال أسلاف العرب: «لكل مقام مقال». • يحضر الحنين للبادية في قصائد الشعراء المترفين، ومنهم الأمير سعد آل سعود، إذ تتجلى الصور المرتبطة بالصحراء ومنها: ترعى الغنم وتعيش حلم المدينه في روض عز وكل شيٍ خذلها وكذلك الأمير بدر بن عبدالمحسن عندما يقول: انا بدوي ثوبي على المتن مشقوق ومثل الجبال السمر صبري ثباتي هل لقصيدة (حلم المدينة) قصة تروى؟ وما سر هذا الارتباط بالصحراء والبحث عن البساطة وأنتم تعيشون حياة مدنية مترفة؟ •• الجميع إن شاء الله بخير ويعيش وسيعيش حياة مترفة، في بلاد الحرمين وفي ظل قيادة رشيدة تسعى لرفاهية شعبها. أما عن القصيدة فهي تحكي قصة واقعية سمعتها وتفاعلت معها لفتاة بدوية تتصفح مجلة تشمتل على صفحات خاصة بالموضة والأزياء والشعر، بينما تعيش مع أسرتها في البادية، إذ تقرأ عن حياة المدينة التي لا يفصلها عنها سوى عشرات الكيلوات وتعيش حياة أخرى -ورغم الاعتزاز بالبادية- إلا أنها قد لا تلبي طموحاتها وأحلامها كشابة في هذا السن. أما سر الارتباط بالصحراء فأعتقد أن الكثير من السعوديين لديهم الشعور نفسه، إذ تربينا على حب الصحراء بجميع مكوناتها، والآباء والأجداد زرعوا فينا ذلك. • حققت قصيدة (الزعامة) أصداءً واسعةً، ومن أبياتها العالقة في أذهان عشاق الشعر والوطن على حد سواء هذا البيت: لابسين الشجاعة قبل لبس العقال ولابستنا الكرامة لبس غترة وثوب حدثنا عن سر انتشار هذه القصيدة؟ وكيف ترى دور الشعراء في الظروف السياسية المحيطة بالوطن؟ •• هي قصيدة من ضمن القصائد الوطنية التي كتبتها أخيراً، ربما موضوعها وتوقيتها ساعد في ترديد بعض أبياتها وانتشارها بشكل أكبر، وفيما يخص الجانب الآخر من السؤال، لا بد للشاعر الواعي أن يقف بمسؤولية تجاه هموم وقضايا مجتمعة ووطنه وأمته، وأن يتفاعل بقصائده مع مختلف الظروف السياسية والاجتماعية، وهو بهذا يعبر عن نفسه وعن غيره من المواطنين ويشاركهم الأفكار والمشاعر الوطنية، ويسهم بما يمتلكه من موهبة إبداعية في إحداث التأثير الإيجابي بين أفراد المجتمع، ودائماً شاعر لا تتجاوز أشعاره همومه الذاتية هو شاعر بلا قضية وطموح. • نجح الأمير سعد آل سعود (منادي) في الكثير من التعاونات الغنائية مع نجوم الأغنية في الخليج سواء العاطفية أو الوطنية التي يأتي في مقدمتها أوبريت الجنادرية (عهد الخير)، كيف ترون الأغنية العربية هذه الأيام؟ •• بالنسبة لتجربتي مع الأعمال الغنائية ينسب نجاحها الكامل للمطربين والملحنين الذين تفاعلوا معها وقدموها بأفضل صورة، بسبب كسلي في هذا الجانب منذ البداية، وطبعاً هذه الأيام تضاعف الكسل. أما عن وضع الأغنية هذه الأيام، فاعتقد أن الأغنية والشعر وجميع الفنون الإبداعية على مر الأزمنة تقدم المتميز وخلافه، والتميز والإبداع نهر يجري ولا يتوقف على أشخاص أو تجارب معينة. • ما رأيكم في الشيلات التي حققت انتشاراً واسعاً في السنوات الأخيرة؟ وما مدى تأثيرها على الأغنية؟ •• الشيلات فن من الفنون الشعبية التي لاقت نجاحاً ورواجاً لدى شرائح لا يستهان بها من المجتمع، وقامت بأدوار مهمة خصوصاً الحماسي منها. وكذلك أعادت إنتاج العديد من الألحان و«الطروق» التي اندثرت. ولا أعتقد أن لها تأثيراً على الأغنية الجيدة، كما أنها لا تخدش الذوق العام إذا استمرت في تلبية رغبات جمهورها بشكل لائق، وابتعدت عن الإسفاف وإثارة النعرات. • من منطلق أنك شاعر وأكاديمي وإعلامي، لماذا لا تعمل على بعض الأفكار الإعلامية لخدمة الشعر؟ •• بصراحة.. هناك بعض المقترحات يتم العمل عليها مع جهات معنية بالأدب والثقافة وأتوقع أن تقدم إضافة جيدة. • مقابل العديد من الإصدارات العلمية التي كان آخرها كتاب «الإعلام السياسي»، هل من إصدار شعري بعد ديوانك «منادي»؟ •• الفكرة واردة، لكن ليس الآن. • نحن الآن على أبواب شهر رمضان، وسنحاول في الأسئلة القادمة استغلال تلك المناسبة الغالية لنقترب أكثر من شخصية الأمير سعد آل سعود.. ولنبدأ من الشعر.. هل يصوم منادي عن قرض القصائد في رمضان؟ •• في الغالب نعم. • يتذكر الإنسان في رمضان العديد من الشخصيات ويفتقد أخرى.. من يتذكر الأمير سعد في هذا الشهر المبارك ومن يفتقد؟ •• أتذكر وأفتقد والدي يرحمه الله. • لو طلبنا منك توجيه الدعوة إلى 5 شعراء لتناول طعام الإفطار معكم.. إلى من توجه الدعوة؟ •• الدعوة عامة حياهم الله جميعاً.. لكن بكل تأكيد أنت أحدهم. • ما الأكلات التي لا تستغنى عنها على سفرة الإفطار؟ •• أهم شي التمر. • كيف تنظر إلى الأعمال والبرامج التلفزيونية الرمضانية وهل تنحاز إلى برنامج أو عمل تلفزيوني محدد؟ •• عادة أشاهد بعض المسلسلات سواء الاجتماعية أو التاريخية. لا حول خص الشاعر سعد آل سعود «عكاظ» بآخر نصوصه المتأرجحة بين المطر و«صحراء الجفاء» وكأنه يقطف لعشاق شعره وردة من على ضفاف النهر ويهديها إلى «صباح الحبايب والنجوم» في باقة تعطرها «ضحكة الغالي» وتجرحها مرارة الفقد. سعد آل سعود (منادي) احمد الله لا صفالك من الايام.. يوم واذكر اللي شوفته لو تشوفه.. يوم عيد لا صباح.. إلا صباح الحبايب والنجوم ضحكة الغالي هي الخير والصبح الجديد بشّروا صحرا الجفا بالمطر قبل الغيوم ترتوي من وصل الاحباب وديان الوريد لا فرح دايم.. ولا كل هالدنيا تدوم لا تحيّر بين ماضيك والحلم البعيد ضاق صدر الليل لاحول يا سود الهموم من فقدتك يا قمر ليلتي واغلى فقيد يخفي المجروح جرحه وفي صدره علوم ويعلن المحبوب حبه.. ولو جرحه يزيد أسمع ان القلب لا طاح حظه ما يقوم واعرف ان الحب هو جنة العمر السعيد ليت بعض احلامنا نعتبرها حلم نوم وليت ما به لا مفارق.. ولا قلبٍ عنيد وان ظلمتك.. أو غدا قلبك ظلوم الجفا ما هو لنا حل.. يالراي السديد