بعض البشر تحرص على لقائهم وعلى التواصل معهم، فهم بمثابة المصابيح المنيرة، لكل من يعبر في طريقهم أو يكون بالقرب منهم، والبعض الآخر تشعر وأنت تتحضر للقائهم وكأنك مقبل على كهفٍ مظلم، تستثقل لقاءهم وتخرج منه إما مثقلاً من أحاديثهم السلبية التي تسم بدنك وتعكر صفو ليلتك أو مصاباً بسهام كلماتهم التي يرمونها عليك دونما إحساس أو ضمير ولا يهم كيف يكون وقعها عليك. فكم من كلمة كانت بلسماً على حياة أحدهم وكم من كلمة كانت طعنة في قلبه وفي حياته، كم من كلمة كانت من نور، أضاءت روح وعقل سامعها وكم من كلمة كانت سبباً في تراجعه وتدهور حاله.. كم من كلمة أنقذت غريقاً من بحور الكآبة والألم، وكم من كلمة زادته غرقاً في هذه البحور. ثمة بشر لا يملكون القدرة على وزن الكلمات أو مراجعتها، ولا يملكون القدرة على جس نبض الآخرين ومعرفة مدى تقبلهم لتلقي الملاحظات أو المزاح قبل أن يرموا بسهامهم على غيرهم. تبدأ هذه السهام بكلمة «أنا شخص صريح أو أنا شخص لا يجيد المجاملة» وفي واقع الأمر وحقيقته، هو شخص يتحلى بقدر عال من «قلة الذوق»، ولا يعلم أن هناك حدوداً في حياة الآخرين لا يمكنه الاقتراب منها، مهما كانت درجة قربه وصلته بصاحبها. فتذكر دائماً أن للكلمات ألف وجه وألف معنى، قسها على نفسك قبل أن ترمي بها على غيرك، فإن كانت ستنعش روحه وستدفعه نحو الحياة.. قُلها واملأ بها روحه، وإن كانت ستخدش ولو جزءاً بسيطاً منه، تراجع عنها واحتفظ بها لنفسك.