قلوب السعوديين نابضة بالخير عادة؛ ولذا يسعون لابتكار الحلول الإنسانية لرسم البسمة في شفاه الآخرين، بل إن الرؤية الطموحة 2030 لم تقم إلا على تبني الحلول الشاملة لكل المعضلات، ومنها ضمناً؛ الحلول الإنسانية للفئات التي تقيم في هذه البلاد، منذ عشرات السنين، وتم إيواؤهم لظروف استثنائية، لأنها في الواقع جزء لا يتجزأ من عملية التنمية الشاملة. وكان أمير منطقة مكةالمكرمة الأمير خالد الفيصل، قد بذر بذرة حسنة في بلد الله الحرام لمواجهة مشكلة الأحياء العشوائية، تمثلت في رؤيته الشهيرة: «بناء الإنسان وتنمية المكان». ولم تكن مجرد شعار إعلامي أجوف، بل كانت هاجساً حقيقياً لسموه، يعيشها بوجدانه، ويصنعها بفكره، ويترجمها بقوله وفعله؛ ولذا وضع للرؤية خارطة طريق، واستراتيجية إدارية ورقابية محكمة، بل وضع تصورها الدقيق في كتابه الذي يحمل الاسم ذاته: «بناء الإنسان وتنمية المكان». وأخذ على نفسه عهداً بالمضي حتى نهاية الطريق. في الذاكرة قبل سنوات قليلة أعلن عن الرؤية في مؤتمرات ولقاءات صحفية عدة، ثم ترجم ذلك بأولى مراحلها، وهي: تدشين المشروع الدائم لتصحيح أوضاع البرماويين، والذي كان أحد أهم مفردات الرؤية، سلم حينها أول هوية لمقيم برماوي إيذاناً ببدء المشروع عام 1434ه. وظل المشروع يتلقى كامل المؤازرة من لدن أمير مكة، حتى أعلن عن تصحيح وضع 190000 مقيم برماوي، وهذا ما يتعلق بالشق الأول وهو بناء الإنسان، وشمل برامج تتعلق بالوثائق الثبوتية واستيعاب الطلاب في المدارس ودراسة الوضع الصحي والاجتماعي والمعيشي بشكل يحقق المواءمة الكاملة المرتب لها. وبالأمس القريب جداً، قام سموه الكريم ويصحبه نائبه الشاب المتقد حيوية وحماساً الأمير بدر بن سلطان (حفظهما الله) بتسليم أول دفعة ممن صحح وضعه النظامي؛ شهادات تسليم الأراضي البديلة، ممن شمل مسكنه في مشروع إزالة منطقة قوز النكاسة، وجاء هذا الإجراء لتحقيق الشق الآخر وهو تنمية المكان، والتي تشمل تنمية الأحياء العشوائية، وتنمية الموقع البديل الذي سوف يسكنه، إذ يتم بناؤه أيضاً بشكل عصري، وتزويده بالمرافق الخدمية بالكامل. ليس عجباً أن يبادر الأميران الكريمان لهذه النقلة المتميزة التي اجتمعت لها حكمة الشيوخ ودفق الشباب، وليس بدعاً من الأمر أن يفي الأمير الإنسان خالد الفيصل بما وعد به. ما أروع أن يكون المسؤول معنيّاً بتخفيف آلام الحياة ومشاقها عن الناس! بل ما أروع أن يبث في الجميع ثقافة العدل والتكافل والعطف، ويترجم بفعله قبل قوله: أن لا إقصاء لأحد ارتضى العيش بيننا سنين طويلة. ما أروعك أيها الأمير الإنسان، وقد علمت أن خدمة الناس شرف يستحق العناء، هنيئاً لنا بك، بل هنيئاً للإنسانية بأمثالك، واسمح لي أهمس إليك حفظك الله، بأن روح الشباب لايزال يتغلغل في دواخلك.