رغم أن المشهد في السودان لا يزال مليئاً بالكثير من التحديات المتضخمة والمتغيرات المتسارعة ساعةً بعد ساعة، إلا أن ما بلغه حتى الآن يعكس بعداً جديداً في نهاية حقبة البشير التي استمرت ثلاثة عقود، بعدما انشغل - منذ توليه إدارة سلطة الحكم - في قيادة السودان من منطلق أيديولوجي، تحت شعار التمكين لمنظومة إخوانية معروفة الدوافع والأهداف. والآن أصبح أمام الشعب السوداني وجيشه الوطني فرصة غير مسبوقة لتجاوز هذه المرحلة الحاسمة وتحدياتها بما يصبو إليه من آمال وطموحات في سعيه نحو الاستقرار والرخاء والتنمية، إذ لم يعرف السودانيون من حكم البشير، طوال ال30 سنة الماضية، الرخاء المنشود، بل تسببت سياساته في عزلة السودان الشقيق عن محيطه العربي والإسلامي والإقليمي، ليجدوا أنفسهم في نهاية المطاف أمام خيار اللاعودة، فملأوا الشوارع هديراً خلال الأشهر القليلة الماضية، مطالبين البشير بالتنحي، والنظام بالزوال، فاكتسبت السلمية المتميزة التي ناضل بها الشعب السوداني بعداً جديداً في مفاصل هذا الشعب، لتعكس أصالته ورباطة جأشه، وقدرته على تحمل الصعاب، والصبر على الابتلاء لسنوات، وصولاً إلى نهاية حقبة البشير، أملاً في مستقبل زاهر، يستعيد فيه السودان مكانه المعتاد في واقعه العربي.