تصدرت وزارة الداخلية الخدمات الإلكترونية بفارق كبير جداً عن الجهات الحكومية الأخرى، بحيث أصبح في مقدور المستفيد مواطنا كان أو مقيما الدخول للخدمات الإلكترونية لوزارة الداخلية بكل سهولة ويسر، ولكن ما هو السر العجيب خلف هذا الإنجاز الكبير الذي بدأت بعض الجهات تسير على نمطه؟ إن السر الصارخ خلف هذا الإنجاز الذي أصبح واقعا يلمسه الجميع هو في الإرادة الصارخة ومكافحة الفساد، وقد يتعجب البعض من هذين السببين اللذين يعتبران بعيدين عن إنجاز الخدمات الإلكترونية، ولكن فالإرادة من المسؤول الأول في أي جهاز حكومي هي التي تصنع التغيير وليس ثقافة أو مستوى تعلم الموظفين، فبطبيعة الحال فإن الموظفين بوزارة الداخلية في العادة يكون تعليمهم بعيدا عن التقنية والبرمجيات لأنها ليست من أعمالهم اليومية، ولكن عندما أراد المسؤول الأول أن يصنع جهازا ذا كفاءة عالية في التقنية، أصبحنا نرى من العسكريين التعامل العالي في التقنية ولم تكن مقاومة التغيير عنصراً محبطاً أبداً لدى وزارة الداخلية. والسبب الثاني مكافحة الفساد عن طريق النظر للخدمات الإلكترونية المكتملة الإجراء والإعداد والتنفيذ، بأنها تحد من الفساد الإداري أثناء دورة إجراء العملية الإلكترونية، فمثلاً الخدمات الإلكترونية لا تقبل التلاعب، مثل إجراء صرف مالي دون ارتباطه بالمشروع الذي ينفذ له، ودون استلامات مستودعيه لنفس الصنف الذي طلب في عقد المشروع والذي أعد سالفاً من الإدارة المستفيدة، وبالتالي فإن كل عملية إجرائية في الخدمات الإلكترونية مرتبطة بسلسلة من التوافقات التلقائية ببنود أخرى ذات علاقة دون تدخلٍ من الموظفين، وهذا ما يجعل الخدمات الإلكترونية الحقيقية التي يستفيد منها المواطنون والمقيمون تنطوي خلفها أنظمة إلكترونية تحد كثيراً من الفساد. فالمسؤول الأول في أي جهاز حكومي وعبر نظام وخدمات إلكترونية فعالة سيكون مطلعاً على كامل شأن الجهاز، ولا يحتاج إلى آراء شفهية عن الأنشطة والأعمال، فالخدمات الإلكترونية ومستوى إنجازها موجود أمام ناظريه دون تدخلٍ من أحد، كما أن قياس رضا العملاء يصبح آلياً ودون تدخل من الموظفين، لأن رأس المال الحقيقي للجهات الحكومية هو رضا المواطنين والمقيمين وهذه تقاس بضغطة زر، فضلاً عن قياس أداء الجهاز نفسه يصبح مؤشرات رقمية حقيقية واضحة وليست وصفية.