أكد وزير الدولة وأمين عام الأمانة السعودية في مجموعة العشرين الدكتور فهد عبدالله المبارك، خلال جلسة «الاستثمار في الاقتصاد الرقمي: مقاربة جديدة للصناديق التنموية»، التي نظمتها وزارة المالية الإماراتية بالتعاون مع صندوق النقد العربي على هامش فعاليات «القمة العالمية للحكومات»، أن السعودية ضخت استثمارات كبيرة في إعداد بنية تحتية رقمية متطورة، حيث تهدف القطاعات الاقتصادية والمالية السعودية إلى الارتقاء نحو احتلال مراتب متقدمة عالمياً في كافة القطاعات من خلال الرقمنة التكنولوجية وعبر تفعيل الشراكة بين القطاعين العام الخاص، لتحقيق رؤية طموحة للاقتصاد الرقمي لتصبح السعودية ضمن الأفضل في العالم والارتقاء في ربط كل الخدمات إلكترونيا؛ ما يؤدي إلى تسريع حركة الإنتاج وخفض التكاليف وتحقيق أفضل الممارسات لتوظيف التقنية لخدمة الاقتصاد. وأشار إلى أن السعودية تطمح كذلك لتكون أحد الكيانات الرائدة في الاقتصاد الرقمي، مشيراً إلى أن المملكة ماضية قدما في تطوير البنية التحتية الرقمية للارتقاء بخدمات الانترنت والاتصالات الرقمية والاستخدام المتطور للعملات الرقمية، لتصبح رائدة في هذا المجال. وأجمع خبراء المال والمصارف والاقتصاد المشاركون في الجلسة، على أهمية تسريع وتعزيز التحول إلى الاقتصاد الرقمي في المنطقة، باعتبار أن «الرقمنة» أصبحت مساراً إجبارياً وليس توجهاً اختيارياً، حيث من شأن هذا التحول الرقمي المساعدة في إحداث تغييرات إيجابية عميقة في تنظيم وتشكيل الاقتصاد العربي والإقليمي والعالمي، وتحفيزه نحو التطور والمعاونة على إنجاز المهام بأقل وقت ومجهود ممكن. شارك في الجلسة النقاشية عبيد بن حميد الطاير وزير الدولة الإماراتي للشؤون المالية، وأدارها الدكتور عبدالرحمن الحميدي مدير عام صندوق النقد العربي، وتحدث خلالها كل من الدكتور فهد عبدالله المبارك وزير الدولة وأمين عام الأمانة السعودية في مجموعة العشرين، وجين لي تشون رئيس البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، وفريد بلحاج نائب رئيس مجموعة البنك الدولي لشؤون منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ومحمد سيف السويدي مدير عام صندوق أبوظبي للتنمية، والدكتور عبدالحكيم الواعر مستشار رئيس البنك الإسلامي للتنمية، بحضور مجموعة من الخبراء والأكاديميين وممثلي القطاع الخاص المشاركين في فعاليات القمة. وناقشت الجلسة مجموعة من المحاور الأساسية، شملت دور الصناديق التنموية في توفير التمويل اللازم لتحقيق أهداف التنمية المستدامة ودعم الاقتصاد الرقمي، من خلال تطوير البنية التحتية الرقمية وتحفيز مشاركة القطاع الخاص وتعزيز مساهمة أسواق المال للمساهمة في توفير الوظائف لملايين الشباب حول العالم. كما بحثت الجلسة سُبل تعزيز التنسيق الاستراتيجي وتوافق البرامج بين عمل الصناديق التنموية الإقليمية والدولية، بما يُساهم في دعم الاقتصادات الوطنية. وقال وزير الدولة الإماراتي للشؤون المالية عبيد الطاير: «إن الاستثمار في الاقتصاد الرقمي يوفر للدول إمكانيات واسعة للنمو وتعزيز التنافسية، في حين أصبحت التكنولوجيا الرقمية عنصراً أساسيا في مسيرة التنمية المستدامة حول العالم، ومن هذا المنطلق فمن الضروري التباحث حول الكيفية التي يمكن من خلالها للصناديق التنموية المساهمة في توفير التمويل اللازم لتسريع التحول للاقتصاد الرقمي، وذلك عبر دعم الشراكات المثمرة بين القطاعين العام والخاص بما يسهم في تخفيف حجم الأعباء المالية عن موازنة الدول». وأضاف: «تلتزم وزارة المالية باعتماد أفضل الممارسات في مجال إدارة المالية العامة بهدف توفير موارد مالية مستدامة للميزانية العامة للاتحاد، وبناء على ذلك، تحرص الوزارة على التعاون مع مختلف المؤسسات والهيئات والصناديق التنموية الاقليمية والدولية، لبناء شراكات فعالة وإطلاق مبادرات شاملة تساهم بتسريع عملية التحول الرقمي مع الحفاظ على استقرار واستدامة الموارد المالية الحكومية». وأكد المتحدثون خلال الجلسة النقاشية، أن عملية رقمنة الاقتصاد من شأنها المساهمة في تنفيذ خطة التنمية المستدامة في المنطقة، شريطة تطبيق سياسات مبتكرة لإنشاء بنية تحتية رقمية لتطوير الاقتصاد بكافة قطاعاته وهياكله، بهدف بناء قدرات إنتاجية تناسب الاقتصاد الرقمي الجديد عبر تعبئة الموارد اللازمة لسد احتياجات البنية التحتية الرقمية اللازمة، وتكوين المهارات والكفاءات الرقمية للمؤسسات والأفراد مع الارتقاء بسياسات الابتكار التكنولوجي والإبداع الرقمي. واعتبر الخبراء أن التحول الرقمي والاعتماد على التكنولوجيا الرقمية أصبح خياراً استيراتيجياً لاقتصاديات المنطقة التي تسعى لتطوير قطاعاتها الاقتصادية المختلفة، سواء في مجالات البيع والشراء والتصدير والاستيراد والدفع من خلال الإنترنت أو غيرها من وسائل التكنولوجيا الحديثة. وأكدت الجلسة أن عملية الرقمنة تنطوي على العديد من التحديات والفرص، حيث أنها تعمل على مساعدة المؤسسات فى الدول النامية على الربط بالأسواق العالمية بمزيد من السهولة، فضلاً عن قيامها بتيسير الشمول المالى، إلى جانب المساهمة فى تسويق المنتجات والخدمات فى جميع أنحاء العالم بما ينعكس على تنامى المنافسة والإنتاجية والابتكار. وأوضح المشاركون في الجلسة، أن هذه التحولات الرقمية المتسارعة لها أثار إيجابية عديدة، شريطة تفعيل وتحفيز درجة استعداد المؤسسات والشركات والقطاعات الاقتصادية لاغتنام الفرص الناشئة عن الرقمنة، ودرجة تأهيلها مؤسسياً وفردياً لهذا التحول الرقمي الكبير. من جانبه أكد جين لي تشون رئيس البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، على أهمية تطوير الاقتصاد الرقمي عالمياً، مشيراً إلى أن الاستثمار في الرقمنة أصبح اتجاهاً عالمياً سائداً لما لذلك من أثار إيجابية في تطوير الاقتصاد العالمي وتحسين جودة الحياة، منوهاً في هذا الصدد إلى جهود البنك الدولي الذي يُقدِّم منحاً ومعونات لمختلف دول العالم لتطوير اقتصادها الرقمي. وشدد تشون على أهمية تطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي عالمياً في كافة القطاعات، بما في ذلك الاقتصاد والتعليم والصحة وغيرها من القطاعات الحيوية، مشيراً إلى أهمية الارتباط والتوازن بين تطوير البنية التحتية الرقمية والتقليدية، ليكونا داعمين لبعضهما البعض. وقال فريد بلحاج نائب رئيس مجموعة البنك الدولي لشؤون منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: «إن دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تنفق مبالغ هائلة في خطة استثمارات لتطوير اقتصادها الرقمي وتنويعه وصولاً إلى العام 2050، مؤكداً الحاجة لتطوير رأس المال البشري في نفس الوقت ليكون ذلك متزامناً مع عملية الرقمنة الاقتصادية الشاملة وذلك من خلال تعاون القطاعين العام والخاص».