أكد قادة الدول العربية في ختام أعمال مؤتمر القمة العربية التنموية: الاقتصادية والاجتماعية في دورته الرابعة في بيروت اليوم على الالتزام الكامل بتنفيذ القرارات التي تم اتخاذها والمشاريع التي تبنتها القمم العربية التنموية السابقة في دوراتها المتعاقبة. ورأس وفد المملكة العربية السعودية إلى أعمال الدورة وزير المالية الأستاذ محمد بن عبدالله الجدعان. وألقى رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون كلمة نوّه فيها بالجهود التي بُذلت لإنجاح القمة، معرباً عن شكره للأمين العام للجامعة العربيّة وكل العاملين في الأمانة العامة، واللجنة العليا المنظّمة، والأجهزة الأمنية ووسائل الإعلام. وأكد أن المقرّرات التي صدرت ستسهم في تعزيز العمل المشترك العربي، وتعد خطوة متقدّمة على طريق تأمين اقتصاد عربي متكامل. عقب ذلك أدلى الأمين العام المساعد للجامعة العربية السفير حسام زكي، ب«إعلان بيروت»، الصادر عن القمة الذي دعا إلى ضرورة تكاتف جميع الجهات الدولية المانحة والمنظمات المتخصصة والصناديق العربية، من أجل التخفيف من معاناة اللاجئين والنازحين وتأمين تمويل تنفيذ مشاريع تنموية في الدول العربية المستضيفة لهم، من شأنها أن تدعم خطط التنمية الوطنية وتسهم في الحد من الآثار الاقتصادية والاجتماعية المترتبة على هذه الاستضافة المؤقتة، داعياً إلى جذب مزيد من الاستثمارات العربية والدولية في الدول المستضيفة. وأشار الإعلان إلى أن أزمة اللاجئين والنازحين في الدول العربية ترتب عليها أعباء اقتصادية واجتماعية على الدول العربية المستضيفة، خلفت تحديات كبرى تتطلب تحسين أوضاعهم وتخفيف ومعالجة التبعات الناجمة عن اللجوء والنزوح على الدول المستضيفة. كما دعا إلى ضرورة تكاتف جميع الجهات المعنية نحو توفير التمويل اللازم بإشراك المنظمات والجهات ذات الصلة لتنفيذ المشروعات الواردة في الخطة الاستراتيجية للتنمية القطاعية في القدسالشرقية (2018- 2022)، داعين جميع الجهات المعنية لاستحداث وسائل لحشد الدعم الشعبي لتنفيذ الخطة، وذلك في إطار دعم صمود الشعب الفلسطيني في مواجهة الاعتداءات الاسرائيلية المتزايدة وما أعقبها من تدمير للاقتصاد الفلسطيني وبنيته الأساسية، وإيماناً بالمسؤولية العربية والإسلامية الجماعية تجاه القدس بُغية الحفاظ على الهوية العربية، الإسلامية والمسيحية، للقدس الشريف. كما أكد على حق العودة والتعويض للاجئين الفلسطينيين وذريتهم وفقاً لقرارات الشرعية الدولية، وخاصة قرار الجمعية العامة رقم (194) لعام 1948، والتأكيد على التفويض الدولي الممنوح لوكالة «الأونروا» وفقاً لقرار إنشائها، ورفض أي قرار يهدف لإنهاء أو تقليص دورها، والدعوة لتأمين الموارد والمساهمات المالية اللازمة لموازناتها بشكل يمكنها من مواصلة القيام بدورها ومسؤولياتها تجاه اللاجئين الفلسطينيين. ودعا جميع الدول إلى الالتزام بالقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بالمكانة القانونية الخاصة بمدينة القدس الشريف، وعدم الاعتراف بها عاصمة للاحتلال الإسرائيلي أو نقل السفارات إليها، مؤكدًا العزم على اتخاذ إجراءات سياسية واقتصادية إزاء أي قرار يخل بالمكانة القانونية بمدينة القدس الشريف. وأكد «إعلان بيروت» على ضرورة تبني سياسات استباقية لبناء القدرات اللازمة للاستفادة من إمكانات الاقتصاد الرقمي وتقديم الدعم للمبادرات الخاصة، مشدداً كذلك على أهمية وضع رؤية عربية مشتركة في مجال الاقتصاد الرقمي. وأكد «إعلان بيروت» ضرورة متابعة التقدم المحرز في إطار منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى ومتطلبات الاتحاد الجمركي العربي آملاً في الوصول إلى سوق عربية مشتركة، وبذل كافة الجهود للتغلب على المعوقات التي تحول دون تحقيق ذلك, مؤكدًا في ذات الوقت على أهمية دعم وتمويل مشروعات التكامل العربي واستكمال مبادرة المساعدة من أجل التجارة. كما اعتمدت القمة مشروع «الميثاق الاسترشادي لتطوير قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر» من أجل ضمان اندماج اقتصاديات الدول العربية في ما بينها وإيجاد مزايا تنافسية في ظل التكتلات الاقتصادية الدولية، وصولاً إلى تحسين مستوى التشغيل وتخفيض معدلات البطالة، مع ضرورة وضع آلية متابعة وتقييم لتحسين ومراجعة السياسات والبرامج الموجهة لتطوير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، ودعوة القطاع الخاص لدعم تنافسية هذه المؤسسات. وأكد «إعلان بيروت» الصادر عن القمة العربية التنموية: الاقتصادية والاجتماعية اعتماد الاستراتيجية العربية للطاقة المستدامة 2030 بُغية تحقيق التطور المستدام لنظام الطاقة العربي انسجاماً مع أهداف الأجندة العالمية 2030 للتنمية المستدامة في أبعادها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، وبالتوافق مع هدفها السابع الرامي إلى تمكين الجميع من الوصول المُيّسر والموثوق للطاقة الحديثة بشكل مستدام يراعي الواقع التنموي للدول العربية وآفاق تطوره المستقبلي حتى عام 2030. وتأكيداً على أهمية أن الاستثمار في الإنسان هو أقصر طريق لتحقيق النمو الاقتصادي المطلوب، وانطلاقاً من التطورات المتسارعة التي أثرت سلباً على المكتسبات التنموية العربية في ظل التحديات التي تواجهها الدول العربية التي أدت إلى زيادة نسب معدلات الفقر والبطالة، فقد اعتمدت القمة الإطار الاستراتيجي العربي للقضاء على الفقر متعدد الأبعاد 2020-2030 كإطار يعزز من الجهود العربية الرامية لتحقيق التنمية المستدامة الشاملة في المنطقة العربية، بهدف خفض مؤشر الفقر متعدد الأبعاد بنسبة 50% بحلول عام 2030، مع التأكيد على أهمية متابعة تنفيذه، ودعوة القطاع الخاص العربي ومؤسسات المجتمع المدني لتقديم كافة أوجه الدعم اللازمة بما ينعكس إيجاباً على الإنسان العربي. وتضمن «إعلان بيروت» الموافقة على مبادرة المحفظة الوردية كمبادرة إقليمية لصحة المرأة في المنطقة العربية، وذلك في إطار تنفيذ أهداف التنمية المستدامة 2030، من أجل ضمان تمتع الجميع بأنماط عيش صحية وبالرفاهية في جميع الأعمار، وضرورة إشراك المجتمعات كافة في تحقيق ذلك الهدف باعتباره هدفاً أساسياً للوصول للأهداف التنموية. وإدراكاً بأهمية الارتقاء بالتعليم الفني والمهني في الوطن العربي وربطه بمتطلبات سوق العمل كعنصر من عناصر التنمية الشاملة، أكد الإعلان على ضرورة تنمية المهارات وتشجيع الإبداع والابتكار بهدف بناء الإنسان وخلق المواطن المنتج الذي يسهم في بناء وتنمية المجتمع العربي من أجل تحقيق مكاسب إنسانية واجتماعية واقتصادية، وسن التشريعات والقوانين المنظمة لسوق العمل وتدريب العمالة بما يمكن من تحقيق أهداف التنمية المستدامة. وانطلاقاً من أهمية الدور الرئيس للأسرة في تنفيذ أجندة التنمية المستدامة 2030، على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي والثقافي، فقد اعتمدت القمة وثيقة منهاج العمل للأسرة في المنطقة العربية في إطار تنفيذ أهداف التنمية المستدامة 2030 كأجندة التنمية للأسرة في المنطقة العربية. ووافق المجتمعون في القمة على برنامج إدماج النساء والفتيات في مسيرة التنمية بالمجتمعات المحلية، الذي يهدف إلى توعية وتثقيف وتدريب النساء وتقديم كافة الخدمات اللازمة لهنّ، معلنين التزامهم بتقديم الدعم اللازم لتنفيذ البرنامج. واستشعاراً لأهمية توفير الحياة الكريمة للأطفال وخاصة من هم في مناطق النزوح واللجوء والمناطق التي تعاني من انتشار ظاهرة الإرهاب والنزاعات المسلحة، فقد اعتمدت القمة «الاستراتيجية العربية لحماية الأطفال في وضع اللجوء/ النزوح بالمنطقة العربية»، كوثيقة استرشادية وإنفاذ حقوقهم بهدف التصدي لأوضاع الاطفال اللاجئين/النازحين في المنطقة العربية والتعامل مع ظروفهم المعيشية، مؤكدة على ضرورة أن يعمل كافة الشركاء المعنيين سوياً في مجال حماية الطفل لإيجاد الحلول وإنقاذ جيل بأكمله من الضياع. كما أكد «إعلان بيروت» اعتماد التوصيات الصادرة عن دراسة «عمل الأطفال في المنطقة العربية»، تمهيداً لإعداد استراتيجية إقليمية لمكافحة عمل الأطفال لمواجهة انتهاكات حقوق الطفل، تمهيداً لإعدادهم ككوادر شابة واعدة قادرة على دخول سوق العمل وهم متمتعون بالمهارة ولديهم القدرة على الانتاج. وانطلاقاً من أهمية دور القطاع الخاص في تمويل التنمية المستدامة في الدول العربية لتحقيق النهوض والتكامل الاقتصادي والاجتماعي المنشود، وارتكازاً على أسس هذه التنمية، فقد رحب «إعلان بيروت» بنتائج المنتدى الرابع للقطاع الخاص العربي الذي عقد على هامش القمة العربية التنموية في بيروت. وإيمانا بأهمية تمكين الشباب من المشاركة الفاعلة في المجتمع وتعزيز دور المنظمات الشبابية في تحقيق التنمية الشاملة، بما ينعكس إيجاباً على الشباب وتوفير فرص العمل وتطوير المهارات لدى الشباب وخاصة اللاجئين والنازحين منهم، وهو ما يعد استثماراً في مستقبل المنطقة والعالم، فقد رحبت القمة بنتائج المنتدى الرابع للشباب العربي الذي عقد على هامش القمة العربية التنموية. وانطلاقاً من أن المجتمع المدني هو شريك فعّال للحكومات في العمل من أجل التنمية ويكمل دورها ويتكامل معها في رفع الاعباء والمشكلات في بلداننا العربية، بما يدعم الجهود الرامية إلى تحقيق التنمية المستدامة، فقد رحبت القمة بنتائج المنتدى الرابع للمجتمع المدني الذي عقد على هامش القمة العربية التنموية، وخاصة تفعيل مبدأ الشراكات بين الحكومات ومنظمات المجتمع المدني الأهلية الفاعلة على الساحة العربية. وفي ختام «إعلان بيروت» قرر قادة الدول العربية المجتمعون عقد القمة العربية التنموية: الاقتصادية والاجتماعية الخامسة بعد أربعة أعوام في مطلع عام 2023 م في الجمهورية الإسلامية الموريتانية لمتابعة ما تم إنجازه من مقررات وما جاء في هذا الإعلان، ودراسة مشاريع وموضوعات تهم العمل الاقتصادي والاجتماعي والتنموي العربي المشترك، وتكليف المجلس الاقتصادي والاجتماعي والأمانة العامة بمتابعة ذلك وتقديم تقارير دورية بالتقدم المحرز إلى القمم العربية.