روي عن الإمام الجليل محمد بن إدريس الشافعي رحمه الله الذي كان له مئات الأبيات من الشعر البديع المتضمن للحكمة اللطيفة والمعالجة الاجتماعية الخفيفة أنه قال عن سبب عدم إكثاره من نظم القصائد: ولولا الشعر بالعلماء يزري لكنت اليوم أشعر من لبيد فالشافعي يرى أن مكانة العالم تتعارض مع انصرافه إلى نظم الشعر فأراد أن يقتصر ما ينظمه على الحكم والمواعظ وله في ذلك ديوان مطبوع. وما أعادني إلى ذكرى الإمام الشافعي أن بين ظهرانينا عالما وإماما جليلا من أئمة المسجد الحرام سبق أن قرأت له قصائد قوية تدل على تمكن في اللغة وجزالة في العبارة ذلكم هو فضيلة الشيخ الدكتور سعود الشريم الذي أسعدتني المناسبات بالتواصل معه والاجتماع به عندما كان يجمع بعض أحبابه في دارته العامرة بالهدا وفي مقدمتهم صديقه الدكتور بكري عساس المدير السابق لجامعة أم القرى، الصديق متعدد الأطراف! وقد ربطت بين العساس والشريم مودة خلال عملهما بالجامعة واستمرت بعد خروج الأول منها لانتهاء فترتي تكليفه بإدارتها، ولم يزالا يتواصلان حضورياً وهاتفياً على مدار أيام الأسبوع، وعندما أكون في مجلس العساس وأسمعه يرد على هاتفه قائلاً للمتصل أهلاً بأبي إبراهيم أتوقع أن المتصل هو الشيخ الشريم. وذات يوم أرسل العساس لفضيلته عبر الهاتف بيت شعر وصله على جواله يقول البيت: فلا تغبطنَّ المترفين فإنهم على حسب ما يعطيهم الدهر يسلب وبعد دقيقة أرسل الشيخ الشريم عبر الهاتف عدة أبيات على الوزن والقافية منها قوله: ومن عاش مرتاحاً دهوراً عديدة سيلقى من الأيام ما منه يتعب وقد تفاعلت شخصياً مع ذلك الموقف واستعدت لياقتي الشعرية مؤقتاً فنظمت على التو هذه الأبيات وهي بالقافية نفسها ولكن من بحر آخر: وكن قانعاً هادئاً طيباً فإن القنوع هو الأطيب وإن الذي همه ماله يظل على حظه يندب فلا شيء يبقى على حاله فلا المال يبقى ولا المنصب ومن الإخوانيات اللطيفة بين الشيخ الشريم عميد كلية الدراسات القضائية والأنظمة بجامعة أم القرى ومديره السابق في الجامعة د. العساس، أنه أراد الاتصال به فسأل عنه إن كان قد عاد من إجازته الخارجية، وصاغ الشيخ سؤاله شعراً: هل أنتم في مكةٍ أم أنكم لازلتم تمسون في باريس قد طال شوقي بعد طوله ملالة ياصاحبي فيما مضى ورئيسي ولما عاد العساس من باريس أرسل إليه الشيخ الشريم بهذا البيت: عدتم إلينا سالمين فإننا في حاجة لؤنسٍ وأنيسٍ * كاتب سعودي