تقول إحدى الحِكم: إذا كنت مجبراً على تناول ضفدع، فَافْعَلها في الصباح الباكر. وجَدتُ بعض التردد في صياغة مقدمة تناسب الموضوع. لكننا بهذا نكون قد وَلَجنا مباشرة لِلُب الموضوع، وهذه هي فكرة ما تبقى من المقال. يُعدُ التسويف من أكثر المشكلات انتشاراً. وله أسباب كثيرة. استفدتُ كثيراً من كتاب (القوة الغامضة للكاتبة) لأنس وينسون، وأنصح به. بالنسبة لي كان سببي الرئيسي للتسويف -كما وصفه رئيس الشركة التي كنت أعمل بها- (البحث عن الكمال)، ونصحني بكتابٍ كان على أحد رفوف مكتبه عنوانه (التنفيذ). من أهم ما جاء في كتاب التنفيذ، أن الحصول على 60% من المعلومات كافٍ للبدء في التنفيذ، وقد كنت أرى ذلك جنوناً. ولكن الواقع -خاصة مع كثرة المتغيرات- يُثبت صحة النظرية. عانيت كثيراً من التسويف لأجل الوصول إلى الكمال المزعوم، وللأمانة لم أصل له يوماً، ولا أفلاطون وصل. في كثير من الأحيان كانت الفائدة المرجوة قد انتهت قبل إنجازي للعمل المطلوب، وفي أكثر الأحيان كان رئيسي المباشر ينتزع مني التقرير وأنا غير راضٍ عن كماله، وأتفاجأ بأنه كان كافياً. قال أبو جعفر المنصور: إذا كنت ذا رأيٍ فكن ذا عزيمة فإن فساد الرأي أن تترددا والقصد هنا السديد من الرأي. أرجو ألا يُفهم من كلامي أنني ممن يعارض الوصية النبوية «أن يتقنه»، وإنما القصد أن للوقت أهميته كما أن للجودة أهميتها، وقد تكون أهمية الوقت في بعض الشؤون ما لا تكون للجودة. وتذكر أن الكمال في عالم البشر رابع المستحيلات، فلا يكن -ولا غيره- سبباً في تأخير أهم المهام. يضيف آخر: وإذا كنت مجبراً على تناول ضفدعين، فابدأ بالأكبر منهما. إذاً فلتحذر قهوة الصباح! واترك الاستمتاع بها لما بعد التهام الضفادع.