والعنوان ترجمة شعبية مكية قديمة لقول الشاعر: إذا نطق السفيه فلا تجبه فخير من إجابته السكوت فإن جاوبته فرجت عنه وإن خليته كمداً يموت والخصران في العبارة تعني لمن لا يعرفها من الجيل الجديد التجاهل التام لما يسمعه المتجاهل من سُباب أو وقاحة، وإذا رأى رجل مجرب سفيهاً يتطاول على إنسان أمامه ورأى ذلك الإنسان يتحفز للرد عليه فإنه يبادره بقوله: أخصره لا ترد عليه لأنه لا يستحق أي رد وربما عزز طلبه بعدم الرد بقوله: ألم تسمع بالمثل القائل الخصران يقطع المُصران وهذا الأخير اسم شعبي متداول للأمعاء الدقيقة والغليظة وكان أهل مصر يسمون القولون وهو جزء من الأمعاء الغليظة باسم المصران الأعور ويشكون منه إذا ما توتر أو التهب، ويقولون عن المصاب به: فلان يعاني من المصران الأعور أما لماذا سمي بالأعور فليس لدي علم بأسباب هذه التسمية! وبالعودة إلى المثل الشعبي أو إلى بيتي الشعر اللذين يعطيان المعنى نفسه فإننا نجد أننا أمام تجربة وحكمة مجربين حكماء لم يجدوا أية فائدة من مجاراة السفهاء فسكتوا عنهم ليس عجزاً ولكن لأنهم على يقين من أن مجاراتهم تريحهم وتفرج عنهم أما إهمالهم أو «خصرانهم» فإنه يميتهم كمداً أو حسب المثل يقطع مصرانهم أي أمعاءهم. وهناك شاعر آخر يتحدث عن موقف حصل له مع مخلوق بذيء اللسان ناله منه ما ناله فقال: وذي سفه تناولني بفحش كرهت بأن أكون له مجيباً يزيد سفاهة وأزيد حلماً كعود زاده الإحراق طيبا فإن كان الخصران يقطع المصران فذلك شيء جيد ومريح، أما إن كانت «مصارين» بعض السفهاء من «المسلَّح» فليس لهم إذاً إلا الحذاء الأملح ! * كاتب سعودي [email protected]