بين الرفوف القديمة والحقائب المغلقة والتي وضعت في أقصى مكان ممكن، هناك على دواليب الأمتعة المهملة وقصائص من الذكريات وأوراق بالية لم تعد تعرف حتى ما كتب بها، مع أنها لاتزال تحتفظ بحدث ذلك الوقت الذي كٌتبت به، بينما أنت تتصفح الصور المقيدة بتواريخ الأيام الماضية، قد تمرٌ بك رائحة الحناء التي كانت على تلك الجديلة، أو الثوب الذي يعج برائحة السمٓر الذي كان، أو حتى عبقٌ المكان.. بينما أنت ترى وترى تقع فيك صوراً ناقصة قٌصت وجوهها ووضعت في «قلادة». القلادة التي قيدت عٌنق أحدهم كبرهان للبقاء والالتزام في دنيا لاتخلو من الانفلات، حينما تحظى بحبٍ لم تحسب له حساب إياك أن تراه أمراً عادياً فالحب لا يحظى به الجميع.. حينما وضعتٌ قلادتك التي أهديتني أياها في نهار ذاك الصيف، في الحقيقة أنت وضعت ذراعيك وطوقني بقاؤك ختمت على عنقي بعهد لا انتهاء له معك. جميعنا قلائد بَعضُنَا البعض في حال إننا اكتفينا كنت أنظرك وأنا اتساءل «ماذا فعلتٌ في حياتي حتى أستحقك»؟! نشعر أحياناً أن الأشخاص الذين معنا لم يتحققوا بعد وذلك من فرط المستحيل، وفَرَّط أننا لم نكن ندرك أن ما كان ينهشنا من وحدة يمكن أن ينتهي.. كثيراً مانرى بكاء حرفياً وعتاباً موسيقياً وصمتاً مزعجاً كثيراً ما نٌصدم بخيبات الأصدقاء وتساقط الأقرباء حتى وأن بدوا لنا جيدين.. إلا أصحاب القلادة.. كلما مرت خيبة أمسك بها وكلما مر وجع تأكد من وجودها.. مهما تعددت الأشياء المحببة يبقى ماطوق عٌنقك أبقاها وأجملها وكأنك تشعر أنها ذراعان لا شيء آخر.. فوقتما تشعر أن هناك من سرق ملامح صورة من صندوق خشبي أو من حقيبة حديدية فلا تعتقد أنها فعلاً سرقت هي فقط تعيش في مكان أرغد بين جنبين من يحبها.. تماماً كما عٌلقت قلوبنا على صدور بَعضُنَا البعض ووجدنها في أماكننا الحقيقية التي تبقينا على قيد الارتياح.. فلا تفرط في حب أبقاك كالقلائد على أعناق الجميلات لايفصلها عنهم إلا الموت.. !