قلت ذات (تغريدة) منذ أربعة أشهر، وتحديدا في الثاني من رمضان 1439ه إن (كل العساكر تجرح إلا عساكر السعودية، مملكة الإنسانية، تداوي)، وكانت التغريدة تلك تعليقا على صورة عسكري سعودي يعالج جرحا في قدم معتمرة ربما أعياها المشي أو الطواف أو السعي. في حج هذا العام تكررت صور ومقاطع فيديو لعسكريين سعوديين يقدمون خدمات إنسانية لحجاج بيت الله بعفوية وتلقائية وشعور إنساني قديم جدا وموروث منذ تأسيس هذه المملكة وخدمتها للحرمين الشريفين، فخدمة الحجاج لوجه الله إحدى ركائز تربية أبناء هذا الوطن، بدءًا بالمواطن العادي من سكان مكةالمكرمة، أو المواطن العادي من الحجاج أو المنتدبين وظيفيا لموسم الحج، ومرورا بالكشافة ورجال الإسعاف والمتطوعين وانتهاء برجال الأمن من مختلف القطاعات العسكرية. السلوك قديم تربوي ومتوارث ومتكرر، والجديد هو تصوير هذه المشاهد الإنسانية ونشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن طريق الحجاج أنفسهم، امتنانا لمواقف جنود وضباط صف وضباط وأفراد تربوا وتدربوا على خدمة الحجاج، فهذا يخلع حذاءه العسكري ليلبسه لحاجة كانت تنتعل كرتونا صنعه زوجها (غير عسكر السعودية لا يخلع حذاءه إلا للقمع والإهانة!)، وآخر يحمل حاجة على ظهره لتكمل مناسك الحج، وثالث يحمل طفلة ليمكنها من رمي الجمرات، ورابع يرش الماء ليبرد رأس حاج مسن، وخامس يحمل حاجا ويسير به بين المشاعر مرددا (لا يوجد تعب). هذه المواقف الإنسانية تحدث على مدار الساعة وتتكرر آلاف المرات وما نراه منها هو ما تم تصويره ونشره فقط، وهذا أحد أسرار ما ينعم به هذا الوطن من خير وأمن وأمان واستقرار ونعم كثيرة يحسد عليها كثيرا، ويحصد بها شكر ودعاء المنصفين أكثر وأكثر وأكثر. ما يدريك فلعل العسكري السعودي (عسكري مملكة الإنسانية) يسن بمداواته للحاج سنة حميدة لعسكر العالم فيصبح كل عسكري في العالم مثل العسكري السعودي لا يجرح بل يداوي.