«ساطور، ومجموعة سكاكين، ومَسن»، مصدر رزق ابن الجيزة المصرية، رافقته لأعوام يهتم بها كما لو أنها جزء منه، ويؤمن بأنها تبادله ذات المشاعر، بيد أن ثقته بها لم تصل إلى حد أن يتوقع ذات يوم أنها من ستمكنه من بلوغ حلم عمره، حج البيت العتيق. حسني محمد (مصري الجنسية - 38 عاماً)، أحد الجزارين العاملين في مجازر مشروع المملكة للإفادة من الهدي والأضاحي، يتحدث صبيحة يوم النحر ل«عكاظ»: في أحد الأيام دار حديثٌ عرضي مع زملاء المهنة في مسقط رأسي محافظة الجيزة عن إعلان البنك الإسلامي في مصر توفر وظائف موسمية في مكةالمكرمة للجزارين المصريين، وأن من يرغب في الالتحاق بها يتوجب عليه الحضور في الموقع المحدد لإجراء الاختبارات اللازمة، والميزة الكبرى لهذه الوظيفة التي لا تتجاوز مدتها 9 أيام هي أداء فريضة الحج مجاناً. جمع حسني «عدته»، وتوجه إلى مقر الاختبار، شعر بقشعريرة في جسده -على حد وصفه- كلما تذكر أن النجاح فيه يعني التطوف بالبيت العتيق، ذلك الحلم البعيد الذي اقترب دون سابق إنذار، وصل حسني مقر الاختبار ليجد قبله الكثيرين. يقول الجزار المصري والابتسامة تعلو محياه لأول مرة في حياتي، أرتجف رعباً عند سماع اسمي ومسؤول الاختبار يردده مراراً لأنهض مسرعاً نحوه بعد أن تجمدت مكاني للحظات «أنا موجود يا بيه»، دخلت الاختبار ونجحت فيها، لتعلن لجنة الإشراف أسماء المقبولين، بكيت من شدة الفرح بعد إعلان اسمي من ضمنهم، احتضنت عدتي كثيراً، وأنهيت الإجراءات النظامية لأتوجه إلى الرحاب الطاهرة، ولم أفكر للحظة في المقابل المالي للوظيفة. يختم حسني حديثه بعد أن ألقى نظرة على ساعته التي أعلنت اقتراب «شفت» عمله، حلمي الكبير تحقق برفقة «ساطوري، ومجموعة سكاكيني، ومَسني».