كل عام وأنتم بخير.. عيد أضحى مديد. الأضحى ثاني أعياد المسلمين كتنصيص بتحديد الفرحة، وهذا ليس قولا صائبا، فللإنسان أفراح عديدة، وإنما التنصيص على الفرحة العامة، ومشاركة جميع المسلمين هذه الفرحة تصبغ على الفرد شعورا جمعيا فيغطى على أي كدر يشعر به المرء. وإذا اقترن عيد الأضحى باللحمة فإن شهية الناس تتسع إما للأكل أو للتنكيت على غلاء الأضحية، وغالبا ما تتحول بعض (الأفيهات) إلى طرفة مشاعة، وقد يكون أهم هذه الطرف عندما يقول الأب لأحد أبنائه (أنا قاعد أربيك للعيد الكبير).. كنوع من عدم الرضا أو كنوع من ترك التأديب إلى وقت آخر. والعيد الكبير هو عيد اللحمة الذي اكتسب شهرة من خلال المسلسلات والأفلام حتى إن هذا العيد يجب ما قبله من عدم النظافة فيقال (حموم العيد)، وهذه تطلق على من لا يستحم إلا في فترات زمنية متباعدة، فيأتي العيد ليستمتع المرء بالحموم وأكل اللحمة. وفي هذه الأيام نشط فنانو الكاريكاتير في نقل ما يحدث في الواقع وتحويله إلى نكتة، فيقال إن خروفا تنكر في شكل فرخة لكي يهرب من عيد الأضحى، وهذه الطرفة أراد رسام آخر أن يحاصر ذلك الخروف المتنكر بتذكيره أن الفقهاء أجازوا التضحية بفرخة، أو أي طائر فالمهم إراقة الدم. ولأن بعض الدول قامت بمراقبة الجزارين بعد انتشار إشاعة ذبح الحمير، فقام أحد فناني الكاركتير برسم لوحة على إدانة جزار متهم بذبح الحمير -في عيد الأضحى- فلم يكن من الجزار إلا أن قال مبرئا نفسه: هم قالوا لحمة ما حددوا نوع اللحمة! ولأن الخروف هو سيد الموقف في هذا العيد، فقد تحول إلى حالة من التفاخر في زمن مواقع التواصل، فمعظم المضحين -وتحديدا في العالم الإسلامي- عمد إلى تصوير أضحيته ونشرها، وكانت جل الخرفان في حالة متقدمة من الأناقة مشابهة للهدايا المغلفة بأنواع الأشرطة الباهية.. وفي هذا الجو (الفرايحي) والتلذذ بكل أنواع الطهو الذي يقام على شرف خروف العيد ظهر علينا الأطباء محذرين من الإكثار من أكل اللحم ووجوب حماية النفس من الكولسترول الضار، ساعتها تتمنى أن تقف في وجه كل أطباء العالم صارخا: هذا مش وقت النصائح!.