لا يكاد يعرف كثير من أهل الخير الميسورين من أبواب البر غير بناء المساجد، ولا يكاد يعرف كثير ممن يريدون بر آبائهم وأمهاتهم بعد وفاتهم من أعمال الخير غير بناء المساجد كذلك يأملون من ورائها إكسابهم أجرا بعد أن انقطعت أعمالهم في الدنيا بوفاتهم. هذه المعرفة المنقوصة بأبواب الخير وأعمال البر أفضت إلى أن أصبحت لدينا مساجد تفيض عن حاجة الناس إليها منتشرة في كافة الأحياء لا يكاد يكتمل فيها أكثر من صف أو صفين في كل صلاة على نحو يجعل مما أنفق فيها تبذيرا لا معنى له ولا فائدة منه، والمساجد التي كانت تجمع الناس للصلاة لم تعد قادرة على أداء هذا الدور، فهم موزعون لا تجمع شملهم صلاة. وبقيت أبواب البر وأعمال الخير الأخرى مهجورة، فلا يكاد يفكر أحد في بناء رباط للأرامل، رغم أنه كان من أعمال الخير التي كان يسارع إليها الميسورون طلبا للأجر، ولا يكاد يفكر أحد في بناء دار للأيتام أو مستشفى للفقراء أو مدرسة خاصة بأصحاب المواهب ممن لا يستطيعون دفع رسوم المدارس الخاصة. هناك تهافت غير مبرر على بناء المساجد وغفلة غير مقبولة عن مشاريع خيرية أخرى تسد حاجة المجتمع وتحقق لمن يقوم بها ما يبتغيه من أجر، وأوجب واجبات الدعاة أن يلفتوا نظر الناس إليها، وعلى من يمنحون تصريح بناء المساجد أن يذكروا بها.