ما قامت به الفتاة المجهولة في حفلة «ماجد المهندس» بالطائف من فعل محظور شرعاً ونظاماً وفقاً للأنظمة المعمول بها في السعودية ولا يختلف عليه أحد، ويتنافى السلوك مع العادات والتقاليد في المجتمع السعودي بصفة خاصة والمجتمع الإسلامي بصفة عامة. وينخرط تحت قانون التحرش كما أوضح بعض المتخصصين في القانون بناء على مقطع الفيديو المتداول لحادثة الفتاة كدليل رقمي. الجميع شاهد مقطع الفتاة وهي تركض وتصعد على المسرح وتتجه نحو ماجد المهندس وتضمه لمدة لا تقل عن عشر ثوانٍ، وهو تحرش في مكان عام. وتم تداول المقطع بشكل ملفت للانتباه حتى أصبح حديث الساعة في منصات التواصل. واحتفى أعداء المملكة بالمقطع والحالة الفردية من فتاة مجهولة. السؤال المهم: هل مقطع الفيديو للفتاة المجهولة الذي تم تداوله يعتبر دليلا رقميا يتوصل به إلى إثبات إدانة الفتاة بالتحرش ؟ قبل الإجابة وبدون عواطف وبحيادية علينا التمعن بمقطع الفيديو، فقد رأينا فتاة مجهولة غير معروفة تركض نحو المطرب وتضمه دون معرفة شخصية هذه الفتاة أو شكلها أو عمرها أو حالتها العقلية، حتى عند الاستعانة ببرامج الأدلة الجنائية الرقمية الخاصة بالفيديو والصور لن نستطيع تحديد ملامح الفتاة المجهولة المتهمة بالتحرش على الإطلاق. فهنا تحول مقطع الفيديو إلى قرينة يتوصل به إلى إثبات تهمة التحرش وليس دليلا يتوصل به إلى إثبات تهمة التحرش. أؤكد أنني أتحدث عن إثبات إدانة تتعلق بالأدلة الرقمية بحيادية. هل هو دليل ؟ هذه القرينة حسب خبرة المختصين في الأدلة الرقمية قد تكون ضعيفة وقد تكون متوسطة إذا ارتبطت بقرائن أخرى. وبالنسبة للقاضي لن يعتمد على مقطع الفيديو المتداول في إصدار الحكم، خاصة إذا أنكرت الفتاة، إذ إن مقطع الفيديو للفتاة المجهولة في حفلة الطائف لا يصل إلى مرحلة الاطمئنان ولا القناعة ولا الموثوقية ولا الحجية للأدلة الرقمية التي يحتاجها القاضي لإصدار الحكم في مثل هذه القضايا. وبالرغم من الانتشار الساحق لمقطع الفيديو إلا أنه لن يكون مفيداً للقاضي لإصدار الحكم، ولإثبات الإدانة سيلجأ القاضي إلى الوسائل التقليدية للإثبات وهي الإقرار/ الاعتراف، وهو سيد الأدلة، ومن نتائجه الإيجابية سيرفع درجة الفيديو كقرينة إذا أقرت بأنها صاحبة المقطع، وسيتم الاعتماد على الشهادة. وهناك مصادر رقمية أخرى في الهاتف المحمول للمتهمة قد تلجأ إليها النيابة العامة ألا وهي رسائل نصية أو صوتية للتطبيقات المختلفة كالواتساب أو برامج محادثة أخرى وجميعها ستكون قرائن وليست أدلة لإثبات تهمة التحرش على الفتاة المجهولة. إذن مقطع الفيديو للفتاة المجهولة لا يرقى لدرجة الدليل الرقمي لعدم وجود ضمانات للقاضي كالاطمئنان والقناعة والموثوقية والحجية؛ لأن المقطع لا يمكن أن يتوصل به إلى إثبات الإدانة ويمكن نقضه وببساطة مطلقة. نعم هناك إثبات حالة تحرش، ولكن لا تستطيع الربط بين الفتاة المجهولة التي شاهدناها بالفيديو والفتاة المتهمة إلا بالطرق التقليدية الأخرى. * عضو الأكاديمية الأمريكية للطب الشرعي- استشاري الأدلة الرقمية