لم تكن الأحداث التي تعيشها محافظة البصرة جنوبي العراقومحافظات العمارة، ذي قار، النجف، كربلاء، بابل وواسط، لم تكن هذه الأحداث وليدة اللحظة ولَم تكن الأولى وقد لا تكون الأخيرة. فثورة الغضب التي شهدتها محافظة البصرة عاشت أجواءها محافظات الجنوب العراقي ومطالب المتظاهرين لا تتعدى أبسط الحقوق ومقومات العيش البسيط، لكن تلبية هذه المطالب دائما ما تكون متأخرة، الأمر الذي أسهم في إشعال لهيب غضب الآلاف من المواطنين الذين يبحثون عن حقوق سلبتها الأحزاب الموالية لإيران والتي تسيطر على هذه المحافظات. الثورة العارمة التي تعيشها محافظة البصرة الغنية بالحقول النفطية يرى الكثيرون أن إيران أسهمت بشكل كبير في إشعال لهيبها والأسباب عديدة وواضحة للعيان. الجميع يعلم أن محافظة البصرة ترزح تحت درجات حرارة عالية وهي نصف درجة الغليان، وبما أن إيران المتعاقدة منذ أعوام مع الحكومة العراقية هي من تزود البصرةوالمحافظات الجنوبية بالكهرباء، وبصورة مفاجئة تمتنع عن تزويد الكهرباء للمحافظات، أمر لا يحتاج إلى تحليل، فهي من تسعى دوما إلى تفجير الشارع العراقي، حفاظا على استقرارها الأمني. التظاهرات في البصرة تستمر ويستمر معها الغضب الشعبي. كيف لا ومحافظة البصرة «فينيسيا الشرق»، كما كان يطلق عليها، تتحول إلى مدينة تنعدم فيها أبسط مقومات الحياة بالحصول على مياه عذبة والسبب أيضا الجارة إيران، حيث ترتفع التراكيز الملحية في مياه شط العرب بسبب الإطلاقات الملحية الإيرانية غير المسبوقة. هذه الإطلاقات قضت على المئات من الهكتارات الزراعية وأدت إلى تجريف الآلاف من أشجار النخيل بعد هجرة المزارعين لأراضيهم تارة، وتهجيرهم قسرا تارة أخرى، من قبل جهات متنفذة تارة أخرى. ارتفاع نسبة الملوحة في مياه البصرة وموت الزراعة فيها يرجعه الكثير من المتابعين لشأن المحافظة التي تمتلك أبرز موارد الدولة العراقية من حقول نفطية ومنافذ حدودية يرجعه إلى عدم امتلاك الحكومات العراقية المتعاقبة أوراق ضغط سياسية واقتصادية تجبر إيران على وقف إطلاقاتها الملحية المتعمدة صوب مياه شط العرب. الثورة الشعبية التي امتدت في كافة مناطق الجنوب العراقي حدت بالمتظاهرين لحرق مكاتب حزبية موالية لإيران، الأمر الذي يظهر مدى الغضب الشعبي العراقي على إيران التي تسعى جاهدة لفرض نفوذ أحزابها على التشكيلة الحكومية المقبلة. وبما لا يقبل الشك نستطيع أن نرى بوضوح الأيادي الخفية لإيران في ثورة الحق هذه، سواء كانت في صب الزيت على النار، أو كانت تدعم المندسين بين المتظاهرين الذين يحاولون إخراج التظاهرات من سلميتها بالاعتداء على ممتلكات الدولة والمال العام، كما حدث في مطار النجف، الذي توقفت حركة الملاحة فيه لعدة ساعات. * كاتبة عراقية nagham1319731@