لم يكن مفهوم الوطنية ملتبساً لدى السعوديين ما عدا المؤدلجين منهم، خصوصاً من جنحت بهم سوءاتهم إلى تشكيل تيار متطرف يتقاطع في مفاهيمه مع جماعة الإخوان الإرهابية، ما دفع بالسعوديين إلى تسميته بالتيار السروري، إذ يؤمن المنتمون إلى التيار المتطرف أنه لا وجود لمفهوم الدولة، فيحرّمون الوقوف لعلم الوطن أو عند عزف النشيد الوطني. ولم يكن رفض قاضيين في منطقة الجوف الوقوف عند سماع النشيد الوطني، إلا محط جدل، خشية أن تكون بعض الأفكار قد تغلغلت في بعض المجتمع، ما دفع الجهات المختصة إلى إحالتهما للتحقيق. وفي حادثةٍ أخرى، بادر أمير منطقة الرياض الأمير فيصل بن بندر خلال حضوره حفلة جامعة شقراء بطرد أشخاص لم يقفوا احتراماً للوطن، موجهاً كلامه للحضور «الذي لا يحترم الوطن يغادر القاعة». وفي ال8 من يوليو 2005، لم يتوان الأمير خالد الفيصل عندما كان أميراً لمنطقة عسير، عن مكافحة هذه الأفكار، مرتجلاً كلمةً أمام المشاركين في ندوة «لماذا نحيي العلم.. وكيف نحب الوطن» بمدينة أبها آنذاك، التي حضرتها ووثقتها «عكاظ»، إذ حذر من مغبة الانخراط في تيارات داخلية وخارجية «اختارت أن يكون مركز الصراع لها الشرق الأوسط، وبلادنا بصفة خاصة التي هي مهد الرسالة النبوية». ولأن الفيصل من أوائل المحذرين من تسلل الأفكار المتطرفة تحت غطاء الدين، أكد في كلمته أن «الفكر المنحرف الذي تواجهه البلاد وبسبب التفجيرات التي حصلت في بلادنا الآمنة في الوقت الذي يقوم فيه مدرسون بمنع طلابهم من تحية العلم، وآخرون يعتبرون حب الوطن من الوثنية»، مستشهداً بعدم تعرض المجتمع السعودي إبان عهد باني الدولة الحديثة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، ومفتي الديار السعودية الأسبق الشيخ محمد بن إبراهيم إلى أفكار متطرفة لا تحترم الوطن، بل «كنا نحيي العلم وكنا نقف للنشيد الوطني والسلام الملكي، كنا نغذى بحب الوطن وباحترام العلم ونجد مدارسنا الآن تغص بمدرسين هم أنفسهم أصبحوا دعاة لعدم حب الوطن وعدم احترام العلم». ومنذ أكثر من عقدٍ من الزمان، تساءل الفيصل «لماذا لا يقف الجميع أمام العلم، أمام راية التوحيد، ورمز الوحدة الوطنية في هذه البلاد، وأمام ذكرى أولئك الرجال الذين قاتلوا وقتلوا في سبيل توحيد هذه البلاد وفي سبيل هذه النعم التي نرفل في حللها اليوم، بينما يقف الجميع إذا دخل الأمير أو الوزير أو المدير؟».