متمسكاً بزيه الشعبي القديم، متمسكاً بذكريات وأصدقاء الماضي الذين لا يزال يفتقدهم، محمد مليحي الثمانيني الشهير بالقنيعي، الذي دأب على الجلوس كل عصرية في رمضان وسط الحي، يتابع الحياة الجديدة، ويقف عنده الراغبون في تذكر الماضي الجميل في بيش. ويتزين الحي الذي يسكنه القنيعي برسومات الفوانيس الرمضانية، الأمر الذي لم يكن يشاهده العم محمد في الماضي، فالحياة البدائية التي عاشها بلا إضاءة، إلا فيما ما ندر على خلاف ما هي عليه الآن، يقول: «لم تكن السفر الرمضانية تملأ الطرقات، إفطارنا لم يكن يتجاوز الماء والتمر والحليب وقرصان الخمير كان للزير طعم لا يشابه كل أنواع العبوات الموجودة حاليا، ورمضان الماضي يبدأ قبل غيره من سائر الأيام بالسحور قبيل صلاة الفجر، ثم الصلاة والعودة للمنازل للانطلاق للعمل في الأرض بالزراعة والنصيد، نعود منهكين فنبلل ملابسنا بالماء وننام هذه الطريقة كانت أشبه بجهاز التكييف الحالي». ويفتقد العم محمد عادة «الترميض» التي اندثرت في الوقت الحاضر، والتي تكون عادة بتبادل الزيارات بين الأقارب، والأصدقاء، يقول: «تعد هناك تبادل للزيارات، اكتفى الناس برسائل الجولات حتى لم يعودوا يتحدثون إلى بعضهم، كنّا نجتمع بعد صلاة التراويح لنلعب الساري أو ننقسم لفريقين نلعب بكرة مصنوعة من القماش والقش نتقاذفها بالعصي، لكن سهرنا لا يطول ولا يستمر إلى الفجر كما يفعل الناس اليوم، ننام الليل كما هو حال باقي الأيام». ولا يزال القنيعي يحتفظ بعاداته الرمضانية القديمة، التي لم تبدلها الحياة الآن، كما فعلت بملامح وجهه، يقول: «أنام ساعة بعد صلاة التراويح، أصحو قبل الفجر لأتسحر على اللبن والتمر أو القرصان والماء، في هذا الغذاء بركة وقوة رغم قلته، يملأ الناس الآن سفر الإفطار والسحور بأنواع متعددة من الأطباق عديمة الفائدة، وكأنهم يصنعونها يشاهدوها لتزيين سفرهم فقط».