وقفاً على أطلال ذكرياته برعي الإبل والأغنام، وشهر الصيام الذي كانت الركبان تتأخر قبل أن تخبر عن دخوله، ولهيب الشمس الحارق الذي لم يكن يوماً ليثني سليمان الرشيدي عن صيام رمضان وإنهاء معاناة الظمأ فيه بتمر وماء خبز مجمر. ويستذكر المسن الرشيدي أيامه الرمضانية القديمة في حديثه ل«عكاظ»، والتي لم تكن تخلو من الجهد في ظل انعدام وسائل التكييف، يقول: «كنا نقضي يومنا كله تحت لهيب الشمس في رعي الإبل والأغنام، كنا نعاني من الظمأ الشديد لدرجة أننا نصاب بإجهاد بالغ ومع ذلك كانت حياتنا جميلة، كنا ننهي صيامنا بإفطار في غاية في البساطة لا يتعدى أن يكون تمرا وقهوة وخبزا ندفنه في الجمر وأحيانا يضاف إليه مشروب مستخلص من الأقط يسمى المريسة أو شيء من حليب الإبل». ولا يختلف فطور جيل سليمان الرشيدي المتواضع عن سحورهم، المكون غالباً من الخبز والسمن واللبن، والذي عادة ما يكون بعد منتصف الليل، يقول: «كنا نخلد للنوم بعد الفراغ من صلاة التراويح والتهجد قبل منتصف الليل، لنصحو قبيل الفجر لإعداد وجبة السحور المكونة في الكثير من الأحيان من قليل من المرقوق أو الخبز واللبن والتمر والماء، لبدء يومنا الجديد مبكراً حتى نتعرض لحرارة الجو في الظهيرة التي عادة ما نقضيها في مزارعنا بين ظلال النخيل، أو وتحت الأسرة المصنوعة غالباً من السعف وجذوع النخل». ولا يتفقد الرشيدي البساطة في الإفطار فحسب، بل تجاوز ذلك إلى افتقاده التواصل الاجتماعي بين سكان الحي بعد صلاة التراويح في مسجد الحي، والألعاب التي كانوا يزاولونها في رمضان قديماً والمختفية الآن إلا عند القليل من الناس بعد الغزو التقني، يقول: «كنا نقضي ليالي رمضان في لعب «المقطار» مجموعة من الحصى نحركها على الأرض وتشبه في حد قريب الشطرنج».