عُدت يا رمضان لتعيدنا إلى ذواتنا الحقيقية لتقف بنا على الشاطئ وعلى المرسى، لتجمع شتات أنفسنا، ونستفيق. مازلنا يا رمضان نجتر الأمل رغم كل ما يحيط بنا من أسى ووهن، مازلنا ننسج خيوط الفرح. لن نيأس ولم نتوقف وننتظرك يا رمضان، لنستعيد «نوستالجيا» حنينا إليك. ففيك يا رمضان روحٌ تختلف عن كل أشهر العام، ظمأك سقيا رحمة، صلواتك مأوى ونجوى ونحرٌ للأسقام والبلوى. عُدنا يا رمضان والحمد لله أننا عُدنا، اصطفاءٌ واختيار. حسناتٌ تُضاعف، دعواتٌ تُجاب، ليلةٌ فيه بألف من الليال، جمال وأي جمال، شياطينه مصفدة، لذة العبادة فيه منها لا تشبع. لو كانت الجنة مثل هذا فوالله وتاالله، ليس فيك يا دنيا ما يُغري! ولا إليه النفوس تهوي! إيه يارمضان مذ سنين ونحن نئن من الفقد، من الحرمان، من الظلم، من ضغوط الحياة، نئن فتأتينا تخفف عنا تداوينا، نفحاتٌ وبركاتٌ ودعواتٌ والصوم لي وأنا أجازي به! فخيالٌ أي شيء هو ذاك النعيم الذي به يكافئنا العظيم! وماذا قدمنا؟ ما أعمالنا؟ فلقد بلغنا رمضان وغيرنا في القبور يتمنى الرجوع. بلغنا رمضان وغيرنا من المسلمين يُعاني الحرب والفقر والمرض والتشريد والجوع والتنكيل. بلغنا رمضان وغيرنا في العالم محرومٌ من نعمة الإسلام، لكنه قرر أن يصوم شهرًا لا يأخذ عليه أجرًا فقط لأنه علم أنّه للنفس حياة، وللصحة رخاءٌ وتجديد وحماية، وهو للروح خلوة ونزهة وبداية التغيير. لكل من لم يعد عليه رمضان نخبركم أننا فقدناكم، تهشمت أرواحنا بعدكم، لم نجد أحدًا يسد مكانكم، فرحمكم الله كما رحمتمونا. لكل من عاد عليهم الشهر كل عام وكل لحظة وكل ساعة وكل دقيقة وكل ثانية وكل ارتداد طرف ونحن وأنتم بعفو وعافية وأمنٌ وأمان وسلامة متوالية ومتتالية. [email protected]