يظل الأمن الفكري أحد أهم متطلبات المرحلة، بل إنه مطلب في كل المراحل، ذلك لأنه بدون قيام أمن فكري كافٍ فإن المجتمع – أي مجتمع – لابد وأن تتقاذفه الأفكار المنحرفة، وتعصف به التصورات المتشددة، حتى يصل إلى حافة الهاوية بعد أن يكون قد جنح نحو التطرف. ولعل من حكمة وبصيرة الإدارة العليا في بلادنا، أنها قد فطنت لهذه الناحية من وقت مبكر، وعملت جاهدة على تأسيس فكر وسطي، يقبل التسامح، ويتعاطى التفاهم، ويخلق حواراً حضارياً مع مختلف الثقافات. ومن نعم الله تعالى على بلادنا أنها كانت وستظل معتزة بدينها الإسلامي الحنيف، الدين الذي يصلح لكل زمان ومكان، فلا يقبل بالغلو والتشدد، ولا يرضى بالتميع والانحلال، ديناً وسطاً يتفق مع الطبيعة البشرية التي أرادها الله تعالى للإنسان، حتى يكون صالحاً ومصلحاً في أرض الله. ويجب في الواقع أن تكون المملكة العربية السعودية نموذجاً يُحتذى للعالم كله في الاعتقاد والفكر، ومرجعية في الاستنباط الفكري والسلوكي، كونها المنطلق الذي شعّ منه نور الحق من جوار الكعبة المشرفة، بحيث تكون حاملةً وحاميةً للهوية الدينية واللغوية من الاندثار والاستلاب، ولذلك فقد وقفت بلادنا وقفةً حازمةً وبإرادةٍ صلبةٍ ضد كل الجنوحات الفكرية، وكل الانحرافات العقدية. والواقع إنما قاله ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في أكثر من مناسبة، هو عين الصواب، وقمة الحكمة والموضوعية، عندما قال وأكد ذلك مراراً «نحن نعود إلى ما كنا عليه».. وقال سموه «نحن لم نكن بهذا الشكل في السابق».. في إشارةٍ منه إلى ما حدث في الثلاثين سنة الماضية من انحرافات فكرية لدى بعض أفراد المجتمع، موضحاً أننا عازمون وبقوة على العودة إلى «الإسلام الوسطي المعتدل». ويمثل ذلك التوجه من ولي العهد، والذي باركه الشعب السعودي، ولقي احتراماً وترحيباً إقليمياً وإسلامياً، بل وعالمياً، يمثل حقيقة ما يجب أن تكون عليه بلادنا، وبذلك تكون الأمور قد اتضحت، وبدأت مسيرة العودة إلى الوضع الطبيعي.