إن القارئ الحصيف لرؤية المملكة 2030 لا بد أن يستصحب الجانب الإيجابي المضمر في ثنايا هذه الرؤية؛ والمنظور في استنهاضها للهمم، وتحريك بواعث النشاط، وتحفيز كل قطاعات المجتمع المختلفة من أجل المساهمة في تنمية الوطن، بما يجعل من الجميع عناصر أساسية في هذه الرؤية، وما يقومون به من جهد إضافة حقيقية وترساً مهماً في معادلة التطور والنمو المتنامي في وطننا العزيز الذي يعيش عصر نهضته المباركة وتقدمه العلمي وشراكته القيمة التي أرساها الأمير محمد الخير.. وهذا عين ما أدركته المؤسسة العامة لمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث، التي جعلت مناط اهتمامها، وغاية مسعاها إنزال هذه الرؤية منزلتها اللائقة بها، والعمل على تطبيقها على أرض الواقع بكل عزم وقوة واقتدار، وذلك من خلال جعل هذا الصرح الطبي أحد المرتكزات التي تستند عليها الرؤية في مساقها الصحي، عبر توفير العلاج الأمثل للمواطن، والارتقاء بمستوى المنظومة الصحية التخصصية في المملكة، ومضاعفة القدرات البحثية والتعليمية، وتطبيق مخرجاتها بما يساعد رؤية المملكة على توطين العلاج داخلياً بأعلى المستويات التنافسية العالمية، وتحقيق الريادة والتميز والابتكار في مجال الرعاية الصحية التخصصية، والتركيز على العناية بالمريض مع وضع احتياجات المرضى في المرتبة الأولى وتوطين العلاج لأمراض كانت تكلف الدولة ملايين طائلة لعلاجها بالخارج وبخاصة في مجال زراعة الأعضاء؛ ولله الحمد والمنة، فقد تكللت مسيرة هذا الصرح الطبي الوطني بامتياز الحصول على أعلى شهادات الاعتراف والتميز عالمياً. إن كل هذه المعاني التي أشرت إليها آنفاً - على وجه الإشارة والتمثيل فقط - كانت حاضرة وماثلة في لحظة توقيع مذكرة التفاهم بين المؤسسة العامة لمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث وجامعة المؤسس بجدة، ومثل «التخصصي» فيها معالي الدكتور ماجد الفياض، المشرف العام التنفيذي للمؤسسة، فيما مثل جامعة الملك عبدالعزيز مديرها معالي الأستاذ الدكتور عبدالرحمن اليوبي.. فهذه المذكرة وضعت في طليعة أجندتها الطموحة التعاون والتفاهم بين المؤسستين في تدريب وإنتاج الكواشف البحثية والطبية وفتح آفاق التكامل في التدريب وتسويق المنتجات البحثية المطورة، وتشغيل المعامل المركزية بجامعة الملك عبدالعزيز، وشركة مستشفى الملك فيصل التخصصي الدولية القابضة.. وهي مجالات مهمة لا شك، وتكشف عن ارتفاع سقف التحدي السعودي في المجال العالمي؛ غير غافلين النظر عن أن شركة التخصصي الدولية القابضة (الذراع الاستثمارية لمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث) تهدف إلى توجيه وتنويع خطط التعاون والتطوير والاستثمار في برامج التحول المشترك مع القطاعات الحكومية الصحية والأكاديمية بإعادة تدوير كل الطاقات والجهود الكامنة وتشغيلها لخدمة المستفيدين في القطاع الخاص، وفتح آفاق التكامل في التدريب وتسويق المنتجات البحثية المطورة في علم الكواشف البحثية، كذلك الاستثمار في خدمات مختبرات البيوكيمائية والحيوية في قطاع الأغذية والسموم بالتعاون مع كليات ومراكز أبحاث جامعة الملك عبدالعزيز بجدة. وكل ذلك بحثاً عن التطوير المتسع لهذا الصرح الوطني العملاق، الذي يسير بخطوات واثقة نحو التحول الوطني بكل إيجابياته لتحقيق رؤية 2030 واستيعاب طموحها. كما أن هذه الاتفاقية تسعى إلى دراسة الفرص الاستثمارية بين الطرفين وذلك عبر الشركات الفرعية المتخصصة ومنها شركة الكواشف الطبية العلمية (البايو) والشركة السعودية للتشخيص (CDL)، وكلية العلوم ومركز الأبحاث. ويتمحور هذا الاتفاق في قطاع التدريب وإنتاج الكواشف البحثية والطبية وتشغيل المعامل المركزية من ضمنها معامل البيوكيمائية، والتي سوف تقدم خدماتها في فحص الأغذية الشامل بالتعاون مع القطاعات الحكومية المعنية؛ مثل: هيئة الغذاء والدواء، ووزارة الزراعة، والشؤون البلدية والقروية، ناهيك عن قطاع صناعات الأغذية، بما يفتح آفاق التطلع إلى القول إن ذلك سيشكل رافداً ودعماً كبيراً لكلية العلوم، من خلال توفير فرص التوظيف وتدريب الكوادر المتخرجة لتكون جاهزة لتلبية حاجات سوق العمل بالمملكة، في قطاع المختبرات الطبية والبحثية، والمحصلة منه «ثمرة جديدة في سلة الرؤية». الأمر الذي أكده معالي الدكتور اليوبي، بإشارته إلى أن الاتفاقية تهدف إلى تحقيق رؤية المملكة والاستفادة من مقدرات الجامعة لتفعيل عمل المعامل المركزية بقسم الكيمياء الحيوية لتقديم خدمات معملية حيوية متخصصة في شراكة يعود نفعها على المجتمع. إن هذا التعاون المشترك والطموحات التي تتطلع إليها كليات الجامعة من الاستفادة من تجربة مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث في الخصخصة والتحول من خلال تقديم خدماته للقطاع الخاص والاستفادة من الكوادر العلمية والفنية وتسخيرها تجارياً وتحقيق رؤية المملكة لعام 2030 مع الحفاظ على المكونات والأصول المكتسبة الطبية لتكون مورداً يهتدى إليه لخدمة الوطن والمواطن، يكشف لنا مدى الانسجام بين القيادة الرشيدة والمسؤولين الذين حظوا بالثقة لقيادة مؤسساتنا الوطنية، قاصراً الحديث هنا عن «التخصصي»، فقد حرص معالي الدكتور الفياض ابن هذه المؤسسة البار على تفقد المعامل المركزية بالجامعة، والاطلاع على المشاريع التي ترغب الجامعة في تطوير خدماتها بالتعاون مع شركة مستشفى الملك فيصل التخصصي الدولية القابضة، لقطاع إنتاج الكواشف البحثية والطبية والتعاون في تسخير خدمات المعامل المركزية، بما يعني بداهة تقدير حجم العمل ومتطلباته، بشكل عملي على أرض الواقع، وليس نظرياً لتقديم أفضل الخدمات في مجال الرعاية الصحية المتخصصة وزيادة كفاءة وإنتاجية مقدمي الخدمة وتطوير القوى العاملة لتقديم نموذج خدمة راق يرضي المستفيدين منه، الأمر الذي يبشر بأن تكون هذه الاتفاقية مرتكزاً لشركة ناجحة، وتقدم النموذج لماهية استثمار الفرص المتاحة لتطوير خدمة القطاعات التعليمية والبحثية والطبية التخصصية بالمملكة حسب رؤية 2030 الطموحة. * كاتب سعودي