من أهم أسباب معوقات تعليمنا كثرة أعداد الطلاب وعدم تنوع مصادر التعلم بما يكفي لشد انتباه الطالب، وكثير منهم يفقدون التركيز بعد مرور الدقائق الأولى للدرس، ولا ننسى معاناة أغلب المعلمين من تكرار شرح الدروس لأكثر من مرة، وخصوصا في عصر شغف فيه أبناؤنا بالتكنولوجيا، فاختلفت الرؤية في التعليم وأصبح من الضروري تغير نظامه الحالي واستخدام وسيلة من الوسائل التي تدعم العملية التعليمية وتحولها من طور التلقين إلى الإبداع، ومن أبرز تلك الوسائل نظام التعليم الإلكتروني، وهو نظام تفاعلي يعتمد على تقديم المحتوى وإيصال المهارات للطالب وعرض المقررات الدراسية في أي وقت وأي مكان عبر شبكة الإنترنت. ومن خلال دراستي لتخصص التعليم الإلكتروني في الولاياتالمتحدة، وجدت أن التعليم القديم المعتمد على التلقين يعطي المعلومة ولا يعطي فرصة للتحليل والدراسة، بينما التعليم الإلكتروني فرصة للحوار والاكتشاف والإبداع، وكسياق آخر فقد تحول التعليم التقليدي الآن من غاية إلى وسيلة للحصول على الوظيفة، بينما التعليم الإلكتروني هو وسيلة للتفكر وفتح الآفاق ومن ثم الإبداع والإنجاز، محققا بذلك الغاية السليمة من التعليم. لذلك وتوافقا مع رؤية 2030 دشن وزير التعليم د. أحمد العيسى برنامج بوابة المستقبل كإحدى مبادرات التحول الوطني 2020 وهي التحول نحو التعليم الرقمي لأهداف عدة أهمها ضمان جودة التعليم وتعدد مصادره وأساليب عرض المعلومة وتسهيل المتابعة وإدارة العملية التعليمية بشكل جيد، من قبل جميع منسوبي العملية التعليمية، أي أنه يؤدي دور الوسيط لربط جميع أطراف العملية التعليمية من قائد ومشرف تربوي ومعلم وطالب في الوقت ذاته. وتتمحور فكرة البوابة حول خلق بيئة دراسية تفاعلية محفزة للطالب، تقدم محتوى إلكترونياً، إضافة إلى استخدام الصور، والانفوجرافيك، والفيديو، وغرف النقاش والاختبارات الالكترونية، والتي من أهدافها ترسيخ المعلومات في الذاكرة، وتسهل على الطالب استرجاعها في المستقبل، فعقليات أبنائنا الآن لم تعد تتحمل استيعاب الطرق التقليدية المعتمدة على حشو أذهانهم بالمعلومات، بل إكسابهم المهارات اللازمة وتنمية مداركهم العقلية وجذب انتباههم وبالتالي زيادة قدرتهم على التركيز الذي يعد أهم مقومات النجاح، ومعروف لدى علماء النفس التربويين أن التعلم يمر بثلاث مراحل، ففي المرحلة الأولى يكون الانتباه ثم الإدراك وفي الثالثة يكون الفهم، وكلما زاد الانتباه زاد الإدراك بالتالي يزيد الفهم لدى الطالب. أما بالنسبة للمعلم بأنه سيحل الكثير من الإشكالات لديه بتوفير وقته وجهده وحفظ تحاضير الدروس الإلكترونية للأعوام القادمة، وتطوير قدراته وتبادل الخبرات مع معلمين في مدارس أخرى، كما ستمكنه من الاطلاع على المحتويات الدراسية مع جميع المعلمين في نفس المادة الدراسية ليتم التصويت، لأفضل محتوى وأفضل شرح وبالتالي مشاركة جميع طلاب المملكة بنفس الفائدة، كما سيتمكن قائد المدرسة والمشرف التربوي من متابعة المعلمين والاطلاع على تحاضير الدروس إلكترونيا وتقييمها عبر البوابة في أي وقت، وذلك لإدارة العملية التعليمية بشكل فعال، وسيتمكن ولي الأمر من متابعة سلوك أبنائه والاطلاع على سجل الحضور والغياب والدرجات عبر حساب خاص به في البوابة، إضافة إلى أن بوابة المستقبل تضيف شرح الدروس عبر الفصول الذكية (الافتراضية) وهي التقاء المعلم بالطلبة عن طريق غرف إلكترونية في أوقات مختلفة، لشرح الدروس أو إنجاز المشاريع، وخصوصا في حالة مراجعة المادة الدراسية مع الطلاب في فترة ما قبل الاختبارات النهائية، أو في حال تعليق الدراسة، لأي سبب كان كسوء الأحوال الجوية بمعنى أنه لن يكون هناك أي عائق للتعليم. لذلك فإن الرسالة الأساسية من التعليم الإلكتروني هو استخدام أسلوب جديد في التعليم والتركيز على تحفيز التفكير لدى الطالب والمعلم وبناء شخصيات قادرة على التفاعل والإنجاز. * أخصائية تعليم إلكتروني [email protected]