الطموحات المتدفقة وحيوية العمل ورغبة النجاح، قواسم مشتركة بين ولي العهد الأمير محمد بن سلمان والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وعلاوة على أنهما قائدان شابان محنكان، يتقاطعان في كثير من الرؤى الإصلاحية في نواحٍ مختلفة ترتبط بحياة شعبيهما، ومن يتأمل الملفات التي جرى النقاش حولها والتناغم في كثير من الأطروحات العملية المرتبطة بالإنسان مباشرة، يلمس جوانب مهمة تعطي مؤشرات على وعيهما الكبير بالواقع الحالي وما يجب أن يكون. ويتشارك ولي العهد وماكرون الكثير من القواسم المشتركة بين القائدين، فضلا عن كونهما شابين، ومن أصغر قادة العالم في الوقت الحالي؛ إذ يعد ماكرون أصغر رئيس في تاريخ الجمهورية الفرنسية، ويعتبر الأمير محمد بن سلمان أصغر ولي عهد في تاريخ المملكة، ويسعى الاثنان إلى تغيير قواعد اللعبة في منطقتيهما عبر العديد من المشاريع الإصلاحية الرائدة. ويقود محمد بن سلمان برعاية خادم الحرمين الشريفين أكبر مشروع إصلاحي تشهده المملكة خلال السنوات الماضية، عبر تنويع مصادر الدخل والتقليل من الاعتماد على النفط، وفق خطة واضحة الملامح (رؤية 2030)، فيما يعمل ماكرون القادم من خارج أطر الحياة السياسية في فرنسا على مشروع مغاير عن سابقيه؛ إذ قاد توق الفرنسيين إلى وجه جديد بخلاف الوجوه السياسية المعروفة، ماكرون إلى واجهة الدولة العريقة في أوروبا، محملاً بالكثير من الأفكار الحداثية. وبطموح الشباب وخبرة الحكماء، أطلق ولي العهد السعودي منذ أيامه الأولى في موقعه الحكومي العديد من البرامج الحكومية التي تعمل على إصلاح عاجل لبعض المشكلات، بدعم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، تُمثّل أكبر تغيير اقتصادي وثقافي في تاريخ المملكة الحديث، واعداً بجعل بلاده أكثر «عصرية» وتدين بإسلام «متسامح ومنفتح». وفي التوجه ذاته، يسير إيمانويل ماكرون الذي يحظى بسمعة محبوبة في الأوساط الفرنسية، بالنظر إلى أفكاره الحداثية الجديدة وسجله النظيف، إضافة لخبرته العملية، ويحمل برنامجاً يسعى من خلاله إلى مرونة أكبر في الاقتصاد الفرنسي والحفاظ على علاقة قوية مع الاتحاد الأوروبي، واضعاً مكافحة الإرهاب على رأس أولوياته، منتقداً ربط الدين أو الأصول الجغرافية بالفكر المتطرف الذي يتغذى على الكراهية، وتمكن من الصعود بثبات في الأوساط الفرنسية السياسية. ويرى مراقبون أن تربع ماكرون على هرم السلطة في فرنسا، ترسم من خلاله الدولة الأوروبية تاريخا سياسيا بانتخاب أصغر رئيس في تاريخ الجمهورية الخامسة لا ينتمي إلى الأحزاب التقليدية، ويأتي ولي العهد السعودي بأفكار غير تقليدية لخلق اقتصاد مختلف لا يعتمد على الأنماط الرئيسية التي انتهجتها بلاده في العقود الماضية، فاتحا الباب على مصراعيه لاستثمارات نوعية تساعد البلاد على تحقيق أهدافها الطموحة. ومازح الأمير محمد بن سلمان الرئيس الفرنسي خلال المؤتمر الصحفي المشترك أمس الأول (الثلاثاء) في الإليزيه، عندما قال له: «نحن الاثنان في السعودية نعتبر «شياب»، حيث 70% من المجتمع أصغر منّا عمراً»، على اعتبار أن الكثير من وسائل الإعلام تتحدث عنهما بصفتهما شابين من الأصغر عمراً في قيادة بلديهما. ولا يمكن تغافل أن «الإصلاح» نقطة تلاقٍ بينهما وهدف مشترك، تدور في فلكه خططهما وترسم حوله خرائط الغد.