خطان متوازيان تسيران بهما الاتفاقية السعودية الفرنسية، التي وقعها أمس (الإثنين) وزير الثقافة والإعلام رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للثقافة الدكتور عواد العواد مع وزيرة الثقافة الفرنسية فرنسواز نيسين، أحدهما معني باستثمار الخبرة الفرنسية في العمل على إنشاء أوركسترا سعودية ضخمة من شأنها أن تكون صرحاً موسيقياً بارزاً على مستوى الشرق الأوسط، بينما الآخر يقوم بموجب الاتفاقية مع دار الأوبرا في باريس على إنشاء دار أوبرا بمواصفات عالمية تضع جذوراً راسخة لهذا الفن الجميل في الثقافة السعودية، لا سيما بعد الإقبال الكبير على الحفلات الموسيقية النخبوية التي شهدتها المملكة في الآونة الأخيرة. وعلى أن الأوبرا والأوركسترا تتقاطعان في نواحٍ كثيرة ويكمل أحدهما الآخر، بيد أن لكل منهما شأناً يتفرد به، وخصوصية يستقل بها عن الآخر، بصفتهما صرحين موسيقيين منفصلين. الأوركسترا يمكن تعريفها على أنها مجموعة موسيقية كبرى متناغمة إلى حد مبهر، تقوم على كم هائل من العازفين للأدوات الموسيقية وبراعتهم، تضم في حدها المعتاد ما لا يقل عن 100 عازف، وتحوي مختلف الآلات الموسيقية بشتى أنواعها بينها الإيقاعية والوترية وآلات النفخ الهوائية وآلات المفاتيح، ويمكن أن يدعمها مجموعة من الكورال أو ما يطلق عليهم جوقة المغنين الداعمين، ويتماهى عدد أفراد الفرقة بين الأربعين عازفاً وما يربو على ال100 بحسب الهدف الموسيقي، يأتمرون جميعهم لقيادة موحدة عبر مايسترو الأوركسترا، الذي يفترض أن يكون بالغاً في التمكن ومتناهياً في الاحترافية. ويجيء إنشاء دار الأوركسترا دعماً للموهوبين من العازفين السعوديين الذي سيجدون متنفساً يمارس كثير منهم ما درسه في الخارج أو ما سيتاح لهم دارسته مستقبلاً داخل المملكة. فيما أن دار الأوبر التي تعتزم المملكة تأسيس واحدة منها أو أكثر في الفترة القادمة، هي مسرح ضخم وبنية أساسية لدار أوبرا متكاملة، تتكون من منصّة للعروض الأوبرالية تضم مساحة لفرقة الأوركسترا، يقابلها مقاعد للجمهور مدعومة بمرافق المساعدة خلف الكواليس كالدعم الفني وأماكن تغيير الملابس ونحو ذلك. والأوبرا هي بحسب تعريفات متخصصة شكل من أشكال المسرح الغنائي يقدم بشكل رئيسي عروضاً بالموسيقى والغناء، عمره يزيد على 400 عام، وهي جزء من الموسيقى الكلاسيكية التي تتعمق بالأداء الأوبرالي المتمكن، ويفتح انتشار هذا الفن النخبوي أبواب الفرص المختلفة لاستقطاب عروض عالمية وتبني مواهب وأسماء سعودية محترفة، تدعم جهود تطوير قطاع الثقافة في المملكة بتأسيس مراكز حاضنة للإبداع وتوفير منصات للمبدعين، وتعزز ما تدعو إليه رؤية المملكة 2030 بالالتزام بخلق صناعة ثقافية تعنى بالفنون المختلفة والأنشطة الداعمة للتواصل الإنساني والرافدة للاقتصاد الوطني.