تحتاج ثقافة مجتمعنا السعودي تجاه المال العام إلى كثير من التصحيح والتوعية، لاسيما الجيل الناشئ، فهناك تساهل وتهاون تجاه المال العام، ونلمس هذا في العبث بشوارعنا وحدائقنا ومرافقنا العامة! ونحن نعلم كم من المليارات أنفقتها الدولة على هذه المشاريع، هل هو غياب الحس الوطني؟ أم الجهل بحرمة هذا الأمر وأي حرمة؟ هذا على المستوى المجتمعي العادي، أما على مستوى القطاعات الحكومية وموظفيها فالأمر أدهى وأمر، هذا الهدر المالي الهائل الذي يحصل فيها، سواء في مشاريعها أو مشترياتها، فعندما تكون الدولة طرفا في أي عملية إنشاء أو شراء تجد الأسعار تتضاعف عشرات المرات وكأنها غنيمة وفرصة لا تعوض، وتجد المبرر الساذج المتداول «يارجال أنت بتدفع من جيبك شي، الحكومة بتدفع»! والعجيب أن هذا الأمر مبرر وكأنه حلال والموضوع عادي! ونسوا هؤلاء أن هذا أعظم إثما وجرما وأثرا من أن تسرق مال شخص معين، فعندما تسرق شخصا محددا، فإنه خصمك الوحيد يوم القيامة، لعله يستحي من الله ويعفو عنك، أما سرقة المال العام فخصمك أمة كاملة وأجيال متتالية هل تضمن أنهم سيعفون عنك؟. ولكن والحمد لله الآن وفي عهد الحزم؛ عهد خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين تغير كل شيء لا أحد فوق الوطن، قالها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان كل مخطئ سيحاسب ويعاقب كائنا من كان، لن ينفعه اسمه ولا مكانته الاجتماعية أو الاعتبارية، ومع الحراك القوي على مستوى ولاة الأمر والتوجه الوطني القوي لمحاربة الفساد تماشيا مع رؤية 2030؛ أصبح دور المراقبة والمراجعة المالية الحكومية على المحك، وعلى رأسها ديوان المراقبة العامة والهيئة الوطنية لمكافحة الفساد وهيئة الرقابة والتحقيق وأيضا إدارات المراجعة الداخلية بالوحدات المشمولة برقابة ديوان المراقبة. وبما أن وحدات المراجعة الداخلية هي الحارس الأول للمال العام في الجهات الحكومية، فلا بد من تفعيلها التفعيل المناسب، لتقوم بدورها على أكمل وجه، تماشيا مع الظروف الحالية التي نوهت عنها سابقا، وهذا لن يتم إلا بضمان الاستقلالية التامة لها، ودعمها بما تحتاج من موارد بشرية ومادية وتطوير كوادرها بالدورات والتأهيل المناسب، والأهم من هذا نشر الوعي في القطاعات الحكومية من قبل الوزارات بأهمية المراجعة الداخلية وضرورة التعاون التام من مديري الإدارات والأقسام مع المراجعين الداخليين. وتشرفت بحضور دورة ديوان المراقبة العامة في الرياض لوحدات المراجعة الداخلية بتشريف من رئيس الديوان الدكتور حسام العنقري ولمست هذا الاهتمام الكبير بالمراجعة الداخلية، الذي يعكس حرص الدولة على تطوير كل الجهات التي تساهم في محاربة الفساد والهدر المالي واقتلاعه من جذوره، ويبقى المواطن هو الحارس الأول للمال العام. تركي الشريف - مدير إدارة المراجعة الداخلية بتعليم الطائف[email protected]