في خطوة تصعيدية جديدة تجاه الممارسات القطرية التي لا يزال تاريخها مليئاً بالتناقضات، وكل مرةٍ يتكشف للرأي العام أن أساليبها تخريبية في المنطقة، خصوصاً في منطقة الخليج، دشّن مركز البحرين للدراسات الإستراتيجية والدولية والطاقة –الممول حكومياً- عن قضية «ضحال الديبل»، في كتاب توثيقي تحت عنوان «العدوان القطري على الديبل عام 1986م»، إذ أكّد الكتاب أن المراهقة القطرية ليست وليدة اليوم، ولكنها تمتد إلى الحرب العراقية-الإيرانية في الثمانينات من القرن الماضي. يوثق الكتاب الذي تم تدشينه في العاصمة البحرينية (المنامة) السلوك القطري المتناقض كونه داعماً للعراق ضد إيران، بينما اعتدى على ضحال «الديبل» واحتجز نحو 29 عاملاً بقوة السلاح إلى السجون القطرية في الدوحة، والتي كان العمل جارياً فيها، كي تكون مركز تحذير لدول مجلس التعاون لإي عدوان مفاجئ من قبل القوات الإيرانية. ولكن في يوم 26 أبريل 1986م، «فوجئ العمال الذين يعملون في ضحال الديبل بهبوط أربع طائرات هيلوكبتر»، إذ ترجل منها مجموعة من الجنود القطريين في اعتداء سافر على السيادة البحرينية، وقاموا بإطلاق الرصاص، واختطاف جميع العمال، وتخريب ممتلكات الشركة، إذ وثق الكتاب هذه الاعتداءات بالصور، والتي تسببت في أزمة بحرينية-قطرية تدخلت في المملكة العربية السعودية بالوساطة بين البلدين. وبعد مضي يومين فقط من الاعتداء، أعلنت الدوحة أن طحال الديبل منطقة محظورة، دون الارتكاز إلى مخرجات مجلس التعاون الخليجي، ما عده البحرينيون اعتداءً سافراً على سيادتها، لكنها اختارت سياسة ضبط النفس والتهدئة حفاظاً على وحدة الأمن الخليجي، ورعاية للمصالح المشتركة، إضافةً إلى تجنب إراقة الدماء. تدخلت المملكة العربية السعودية بالوساطة، عقدت اللقاءات، وتبادل القيادات الخليجية الرسائل والاجتماعات لتهدئة الأزمة البحرينية-القطرية، بقيادة الملك الراحل فهد بن عبدالعزيز آل سعود لاحتواء الأزمة، فيما السلطات الهولندية قدمت احتجاجها رسمياً لإطلاق المختطفين من الدوحة، وتم إطلاق سراحهم بعد تعنت الحكومة القطرية لأيام، وإعادتهم إلى مملكة البحرين. وفي المقابل، كان الموقف الإيراني تصعيدياً وداعماً للحكومة القطرية؛ إذ سلم القائم بالأعمال الإيراني في الدوحة رسالة من وزير الخارجية الإيراني الأسبق علي أكبر ولايتي إلى أطراف الأزمة، مؤكداً في رسالته «حماية بلاده لقطر في نزاعها مع البحرين». وبعد مضي 24 يوماً على اندلاع الأزمة، أعلن مجلس الوزراء السعودي الذي عقد في مدينة الطائف في ال19 من مايو 1986م برئاسة الملك فهد بن عبدالعزيز أن موافقة طرفي النزاع (قطروالبحرين) على تسوية الخلاف بينهما. وتم تشكيل لجنتين تضمان مراقبين من السعودية والكويت وعمان والإمارات، للبدء في نزع فتيل الأزمة، لكن سرعان ما عادت الحكومة القطرية إلى سلوكها في عرقلة تنفيذ الاتفاق. ففي يوم 29 مايو 1986، طلبت الحكومة القطرية إضافة بند إلى الاتفاق ينص على أن الدوحة «تحتفظ بحقها في رفض أي قرار تتخذه لجنة التحكيم المزمع تشكيلها بواسطة المملكة العربية السعودية إذا لم يتوافق مع مصالحها، كذلك بحثها في عرض النزاع على محكمة العدل الدولية»، ما سبب إحراجاً للوساطة السعودية وعرقلتها؛ إذ من شأنه أن يعمق الأزمة. ولأن البحرين تريد التهدئة، وافقت الأطراف المعنية على الطلب القطري في ال4 من يونيو 1986م، وسحب القوات القطرية من الديبل؛ إذ «أوضحت مصادر خليجية مطلعة إلى أن عملية الانسحاب ستستغرق نحو أسبوع، وأنه مع انتهائها ستتم إزالة المنشآت من الديبل، ويعود الوضع على ما كان عليه قبل 26 أبريل»، لكن التعنت القطري لم يتوقف، بل أضافت الدوحة طلبات جديدة بإزالة «الدوبة الموجودة في قطعة جرادة، وهي جزيرة مرجانية أخرى متنازع عليها»، إذ جاء الطلب القطري حول قطعة جرادة مقابل «إزالة أعمال الدفان لممر في البحر قامت به قطر لإقامة جسر بري في اتجاه حوار»، فطلبت الوساطة السعودية إيقاف علميات الدفن القطرية، ما دفع الدوحة إلى المماطلة في عملية الانسحاب من «الديبل».